بزيد، والباء على هذا الوجه إمّا زائدة، وإما للتعديّة، فعلى تقدير أنّها زائدة تكون الهمزة للتعدية والباء زائدة مثل: ألقي بيده، وعلى تقدير أنّها للتعدية تكون الهمزة للصيرورة مثل قولهم: أغدّ البعير، ثم جيء بالباء لتعدية الفعل
فصار ما كان فاعلا مفعولا وعلى التقديرين، زيد في أكرم بزيد مفعول لأكرم وأكرم متعدّ إليه إمّا بالهمزة وتكون الباء زائدة، وإمّا بالباء وتكون الهمزة للصيرورة لا للتعدية (¬1) ومعنى فعل التعجّب معنى قائم برأسه/ متميز عن غيره وهو أنّ ذلك الوصف على أبلغ ما يكون، وأنّه نهاية وغاية وزائد على نظرائه نادر في بابه، وإذا قلت: ما كان أحسن زيدا فقد زيدت كان إيذانا بأنّ التعجّب واقع فيما مضى (¬2) كما زيد مستقبل كان ليؤذن بالتعجّب في المستقبل، إذا كان في الحال الحاضرة دليل عليه كقولهم: ما يكون أطول هذا الصبيّ، فإن قيل: كيف جاز ما كان أحسن زيدا، وأحسن فعل ماض فكيف دخل كان عليه، فالجواب: أنّ فعل التعجّب لمّا منع عن التصرّف كان ماضيه كلا ماضي، لأنه لمّا لم يتصرّف ولزم طريقة واحدة أشبه الأسماء ولذلك صغّر في نحو: (¬3)
يا ما أميلح غزلانا عرضن لنا (¬4)
وقد قالوا: ما أصبح أبردها، وأمسى أدفأها، وهو شاذّ عند أكثر النّحاة (¬5) والضمير في أصبح وأمسى للغداة والعشيّة، وإذا قلت: ما أحسن ما كان زيد، رفعت
¬__________
(¬1) شرح الوافية، 374.
(¬2) الكتاب، 1/ 73.
(¬3) هذا صدر بيت تمامه:
من هؤليّائكنّ الضّال والسّمر
وقد اختلف حول قائله فقد نسبه البغدادي في الخزانة، 1/ 93 للعرجي وهو في ديوانه، 183 وقيل: لذي الرمة وهو غير موجود في الديوان أو لكامل الثقفي أو للحسين بن عبد الله، وروي منسوبا للعرجي في شرح الشواهد، 1/ 18 وشرح شواهد المغني السيوطي، 2/ 961 ونسبه ابن منظور في مادة شدن إلى علي بن أحمد العريتي برواية ياما أحيسن وورد البيت من غير نسبة في أمالي ابن الشجري، 2/ 130 - 133 - 135 والإنصاف، 1/ 127 والمغني 2/ 682 وهمع الهوامع، 1/ 76 - 2/ 90 - 191 وشرح الأشموني، 3/ 18 - 26. ورواية البيت عند جميعهم: شدنّ لنا.
(¬4) بعدها في الأصل مشطوب عليه «والأجود أن يقال: بأن فعل التعجب لما وضع للإنشاء انتقل من المعنى الماضي إلى معنى الإنشاء».
(¬5) انظر شرح المفصل، 7/ 152.