كتاب مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (اسم الجزء: 2)

تَقِيُّ الدِّينِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: 60] وَلِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِي حَقِّهِ أَعْظَمُ مِنْهَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ، لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ حِفْظِ نَفْسِهِ مِنْ الْعَدُوِّ بِالْعُدَّةِ، وَلَا بِالْهَرَبِ لِفَقْرِهِ، بِخِلَافِ الْغَنِيِّ، (وَ) اخْتَارَ أَبُو حَكِيمٍ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: (لَا حَظَّ لِنَحْوِ رَافِضَةٍ فِيهِ، وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ) قَالَهُ فِي " الْهَدْيِ " لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ} [الحشر: 10] .
(وَتُسَنُّ بُدَاءَةٌ) عِنْدَ قَسْمٍ (بِأَوْلَادِ الْمُهَاجِرِينَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فَيَبْدَأُ بِبَنِي هَاشِمٍ، لِقُرْبِهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ بِبَنِي الْمُطَّلِبِ، لِحَدِيثِ «إنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ» ثُمَّ بِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، لِأَنَّهُ أَخُو هَاشِمٍ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، ثُمَّ بِبَنِي نَوْفَلٍ، لِأَنَّهُ أَخُو هَاشِمٍ لِأَبِيهِ، ثُمَّ بِبَنِي عَبْدِ الْعُزَّى، وَبَنِي عَبْدِ الدَّارِ، وَتَقَدَّمَ بَنُو عَبْدِ الْعُزَّى، لِأَنَّ خَدِيجَةَ مِنْهُمْ، فَفِيهِمْ أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ حَتَّى تَنْقَضِيَ قُرَيْشٌ، لِقَوْلِ عُمَرَ: وَلَكِنْ أَبْدَأُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ حَتَّى تَنْقَضِيَ قُرَيْشٌ فَوَضْعُ الدِّيوَانِ عَلَى ذَلِكَ (وَقُرَيْشٌ قِيلَ: بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ) ، قَدَّمَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَ " الْمُبْدِعِ " وَ " الْإِقْنَاعِ " وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ الْمُوَفَّقُ فِي " التَّبْيِينِ " (وَقِيلَ: بَنُو فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ) بْنِ كِنَانَةَ، (ثُمَّ بِأَوْلَادِ الْأَنْصَارِ) ، وَهُمْ: الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ قُدِّمُوا عَلَى غَيْرِهِمْ، لِسَابِقَتِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ، (فَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ فِيمَا سَبَقَ، فَأَسْبَقُ إسْلَامًا، فَأَسَنُّ، فَأَقْدَمُ هِجْرَةً وَسَابِقَةً بِإِسْلَامٍ، وَيُفَضَّلُ بَيْنَهُمْ) ، أَيْ: أَهْلِ الْعَطَاءِ (بِسَابِقَةٍ) فِي إسْلَامٍ (وَنَحْوِهَا) كَسَبْقٍ بِهِجْرَةٍ، لِأَنَّ عُمَرَ قَسَمَ بَيْنَهُمْ عَلَى السَّوَابِقِ، وَقَالَ: لَا أَجْعَلُ مَنْ قَاتَلَ عَلَى الْإِسْلَامِ كَمَنْ قُوتِلَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

الصفحة 574