كتاب مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (اسم الجزء: 2)

«قَسَمَ النَّفَلَ بَيْنَ أَهْلِهِ مُتَفَاضِلًا عَلَى قَدْرِ غِنَائِهِمْ» وَهَذَا فِي مَعْنَاهُ، وَقَدْ فَرَضَ عُمَرُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ خَمْسَةَ آلَافٍ خَمْسَةَ آلَافٍ، وَلِأَهْلِ بَدْرٍ مِنْ الْأَنْصَارِ أَرْبَعَةَ آلَافٍ أَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَفَرَضَ لِأَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ ثَلَاثَةَ آلَافٍ ثَلَاثَةَ آلَافٍ، وَلِأَهْلِ الْفَتْحِ أَلْفَيْنِ أَلْفَيْنِ وَلَمْ يُفَضِّلْ أَبُو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ.
(وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَضَعَ دِيوَانًا يَكْتُبُ فِيهِ أَسْمَاءَ الْمُقَاتِلَةِ، وَ) يَكْتُبُ فِيهِ (قَدْرَ أَرْزَاقِهِمْ) ضَبْطًا لَهُمْ وَلِمَا قُدِّرَ لَهُمْ، (وَيَجْعَلُ لِكُلِّ طَائِفَةٍ عَرِيفًا يَقُومُ بِأَمْرِهِمْ، وَيَجْمَعُهُمْ وَقْتَ غَزْوٍ وَعَطَاءٍ) ، لِيَسْهُلَ الْأَمْرُ عَلَى الْإِمَامِ، (وَلَا يَجِبُ عَطَاءٌ إلَّا لِبَالِغٍ عَاقِلٍ حُرٍّ بَصِيرٍ صَحِيحٍ يُطِيقُ الْقِتَالَ) ، وَيَتَعَرَّفُ قَدْرَ حَاجَةِ أَهْلِ الْعَطَاءِ وَكِفَايَتَهُمْ، وَيَزِيدُ ذَا الْوَلَدِ مِنْ أَجْلِ وَلَدِهِ، وَذَا الْفَرَسِ مِنْ أَجْلِ فَرَسِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ عَبِيدٌ فِي مَصَالِحِ الْحَرْبِ حَسَبَ مُؤْنَتَهُمْ فِي كِفَايَتِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا لِتِجَارَةٍ أَوْ زِينَةٍ لَمْ يَحْتَسِبْ مُؤْنَتَهُمْ، وَيَنْظُرُ فِي أَسْعَارِ بِلَادِهِمْ، لِأَنَّ الْأَسْعَارَ تَخْتَلِفُ، وَالْفَرْضُ الْكِفَايَةُ، (وَيُخْرِجُ) ، أَيْ: يُخْرِجُ الْأَمِيرُ (مِنْ الْمُقَاتِلَةِ) مَعْذُورًا.
(وَيَتَّجِهُ: وَ) لَهُ إخْرَاجُ (مُتَعَدٍّ نَفْعُهُ) مِنْ الْمُقَاتِلَةِ، كَعَالِمٍ مُتَصَدِّرٍ لِتَعْلِيمِ الْمُسْلِمِينَ وَإِرْشَادِهِمْ لِمَا يَنْفَعُهُمْ مِنْ أَمْرِ مَعَاشِهِمْ وَمَعَادِهِمْ، وَلَا يُمْكِنُهُ مِنْ لِقَاءِ الْعَدُوِّ خَشْيَةَ أَنْ يَهْلَكَ، فَيَفُوتَ عَلَى النَّاسِ مَا كَانَ وَاصِلًا إلَيْهِمْ مِنْ خَيْرِهِ الْعَامِّ، وَنَفْعِهِ التَّامِّ، خُصُوصًا إذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَسُدُّ مَسَدَّهُ لَوْ فُقِدَ، وَهَذَا الِاتِّجَاهُ فِي غَايَةِ اللُّطْفِ (بِمَرَضٍ) ، أَيْ: مَنْ

الصفحة 575