كتاب مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (اسم الجزء: 2)

مِنْهُمْ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ الْقَتْلُ) ، لِحَدِيثِ: «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» خَصَّ مِنْهُمْ أَهْلَ الْكِتَابِ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِمْ لِمَا تَقَدَّمَ، وَبَقِيَ مَنْ عَدَاهُمْ عَلَى الْأَصْلِ، فَأَمَّا أَهْلُ صُحُفِ إبْرَاهِيمَ وَشِيثٍ وَزَبُورِ دَاوُد، فَلَا تُقْبَلُ مِنْهُمْ الْجِزْيَةُ، لِأَنَّهُمْ غَيْرُ أُولَئِكَ، وَلِأَنَّ هَذِهِ لَمْ يَكُنْ فِيهَا شَرَائِعُ، إنَّمَا هِيَ مَوَاعِظُ وَأَمْثَالٌ، كَذَلِكَ وَصَفَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صُحُفَ إبْرَاهِيمَ وَزَبُورَ دَاوُد.

(وَإِذَا اخْتَارَ كَافِرٌ لَا تُعْقَدُ لَهُ) الذِّمَّةُ كَوَثَنِيٍّ دِينًا مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَدْيَانِ، بِأَنْ تَنَصَّرَ أَوْ تَهَوَّدَ أَوْ تَمَجَّسَ، وَلَوْ بَعْدَ بَعْثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُقِرَّ عَلَى ذَلِكَ، وَعُقِدَتْ لَهُ الذِّمَّةُ كَالْأَصْلِيِّ، وَلَوْ كَانَ اخْتِيَارُهُ ذَلِكَ الدِّينَ (بَعْدَ التَّبْدِيلِ، أَوْ) كَانَ اخْتِيَارُهُ (الْآنَ وَلَهُ حُكْمُ الدِّينِ) الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ فِي جِزْيَةٍ " لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْبَلُهَا مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ " وَلَوْ اخْتَلَفَ الْحُكْمُ بِذَلِكَ لَسَأَلَ عَنْهُ، وَلَوْ وَقَعَ لَنُقِلَ، وَ (لَا) يَكُونُ لَهُ حُكْمُ الدِّينِ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ فِي (غَيْرِهَا) ، أَيْ: الْجِزْيَةِ (مِنْ حِلِّ ذَبِيحَةٍ وَمُنَاكَحَةٍ) إذَا لَمْ يَكُنْ أَبَوَاهُ كِتَابِيَّانِ، وَحُكْمُهُ (كَمَنْ جُهِلَ حَالُهُ) وَلَمْ يَعْلَمْ عَلَى أَيْ دِينٍ هُوَ كِتَابِيٌّ أَوْ غَيْرُهُ، (وَادَّعَى أَنَّهُ كِتَابِيٌّ) ، فَيُقِرُّ فِي الْجِزْيَةِ فَقَطْ، (خِلَافًا لَهُ) ، أَيْ: لِصَاحِبِ " الْإِقْنَاعِ " (هُنَا) ، أَيْ: فِي هَذَا الْمَحَلِّ، فَإِنَّهُ جُعِلَ لَهُ حُكْمُ الدِّينِ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ مِنْ إقْرَارِهِ بِالْجِزْيَةِ وَغَيْرِهِ (تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ) ، وَالْمَذْهَبُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ.

(وَلَوْ عُقِدَتْ) الذِّمَّةُ (لِ) لِكُفَّارٍ، (زَاعِمِ) ينَ أَنَّهُمْ أَهْلُ (كِتَابٍ، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُمْ عَبَدَةُ أَوْثَانٍ) أَوْ نَحْوُهُمْ، (فَ) هُوَ (عَقْدٌ بَاطِلٌ) ، لِفَوَاتِ شَرْطِهِ وَمَنْ وُلِدَ بَيْنَ أَبَوَيْنِ لَا تُقْبَلُ مِنْ أَحَدِهِمَا الْجِزْيَةُ قُبِلَتْ مِنْهُ، لِعُمُومِ النَّصِّ، وَلِأَنَّهُ اخْتَارَ أَفْضَلَ الدِّينَيْنِ وَأَقَلَّهُمَا كُفْرًا

(وَنَصَارَى الْعَرَبِ وَيُهَوِّدهُمْ وَمَجُوسِهِمْ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ) ، بِفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ اللَّامِ، وَظَاهِرُهُ: حَتَّى حَرْبِيٌّ مِنْهُمْ، لَمْ يَدْخُلْ

الصفحة 594