كتاب مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (اسم الجزء: 2)

قِيمَةً بِحَسَبِ الزَّمَنِ الْأَوَّلِ (وَالْغَنِيُّ مِنْهُمْ مَنْ عَدَّهُ النَّاسُ غَنِيًّا) عُرْفًا، لِأَنَّ الْمَقَادِيرَ تَوْقِيفِيَّةٌ، وَلَا تَوْقِيفَ هُنَا، فَوَجَبَ رَدُّهُ إلَى الْعُرْفِ كَالْقَبْضِ وَالْحِرْزِ.

(وَتَجِبُ) الْجِزْيَةُ (عَلَى مُعْتَقٍ وَلَوْ لِمُسْلِمٍ) ، لِأَنَّهُ حُرٌّ مُكَلَّفٌ مِنْ أَهْلِ الْقَتْلِ، فَلَمْ يُقَرَّ بِدَارِنَا بِلَا جِزْيَةٍ كَحُرٍّ أَصْلِيٍّ، (وَ) تَجِبُ عَلَى (مُبَعَّضٍ بِحِسَابِهِ) بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ كَالْإِرْثِ.

(وَمَنْ صَارَ أَهْلًا) لِجِزْيَةٍ، بِأَنْ بَلَغَ صَغِيرٌ، أَوْ أَفَاقَ مَجْنُونٌ، أَوْ عَتَقَ قِنٌّ، أَوْ اسْتَغْنَى فَقِيرٌ (بِأَثْنَاءِ حَوْلٍ، أُخِذَ مِنْهُ) إذَا تَمَّ الْحَوْلُ (بِقِسْطِهِ) ، وَلَمْ يُتْرَكْ حَتَّى يُتِمَّ حَوْلَهُ، لِئَلَّا يَحْتَاجَ إلَى إفْرَادِهِ بِحَوْلٍ، وَرُبَّمَا أَدَّى إلَى أَنْ يَصِيرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَوْلٌ (بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ) ، لِأَنَّهُمْ دَخَلُوا فِي الْعَقْدِ، فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى تَجْدِيدِهِ لَهُمْ (وَيُلَفَّقُ مِنْ إفَاقَةِ مَجْنُونٍ حَوْلٌ ثُمَّ يُؤْخَذُ) مِنْهُ جِزْيَةٌ، لِأَنَّ أَخْذَهَا مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَخْذٌ لَهَا قَبْلَ كَمَالِ حَوْلِهَا، (وَمَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْحَوْلِ سَقَطَتْ) الْجِزْيَةُ (عَنْهُ) نَصًّا وَقَالَ: يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ: مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ، لِأَنَّهَا عُقُوبَةٌ لَا أُجْرَةُ إقَامَةٍ بِدَارِنَا. " رُوِيَ أَنَّ ذِمِّيًّا أَسْلَمَ فَطُولِبَ بِالْجِزْيَةِ، وَقِيلَ: إنَّمَا أَسْلَمَ تَعَوُّذًا. قَالَ: إنَّ فِي الْإِسْلَامِ مَعَاذًا، فَرُفِعَ إلَى عُمَرَ، فَقَالَ عُمَرُ: إنَّ فِي الْإِسْلَام مَعَاذًا، وَكَتَبَ أَنْ لَا تُؤْخَذَ مِنْهُ الْجِزْيَةُ " رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَعْنَاهُ.

وَ (لَا) تَسْقُطُ الْجِزْيَةُ (إنْ مَاتَ) مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ (أَوْ جُنَّ أَوْ عَمِيَ وَنَحْوِهِ) كَأَنْ افْتَقَرَ بَعْدَ الْحَوْلِ كَدُيُونِ الْآدَمِيِّينَ وَسُقُوطِ الْحَدِّ بِالْمَوْتِ لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَائِهِ بِفَوَاتِ مَحَلِّهِ (وَتُؤْخَذُ) الْجِزْيَةُ (مِنْ تَرِكَةِ مَيِّتٍ، وَمَالِ حَيٍّ) جُنَّ وَنَحْوُهُ بَعْدَ الْحَوْلِ، (وَ) إنْ مَاتَ أَوْ جُنَّ وَنَحْوُهُ (فِي أَثْنَائِهِ) ، أَيْ: الْحَوْلُ، فَإِنَّهَا (تَسْقُطُ) ، لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ وَلَا تُؤْخَذُ قَبْلَ كَمَالِ حَوْلِهَا، (وَمَتَى بَذَلُوا مَا) وَجَبَ (عَلَيْهِمْ) مِنْ جِزْيَةٍ، (لَزِمَ قَبُولُهُ) وَدَفْعُ مَنْ قَصَدَهُمْ

الصفحة 598