كتاب مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (اسم الجزء: 2)

الْجَمَاعَةُ. وَرَوَى الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ مَرْفُوعًا: «انْتَمُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لَا تُذْهِبُهَا أَوْ لَا تَسْتَهْلِكُهَا الصَّدَقَةُ» وَكَوْنُهُ مُرْسَلًا غَيْرُ ضَارٍ، لِأَنَّهُ حُجَّةٌ عِنْدَنَا، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عُمَرُ وَابْنه وَعَلِيٌّ وَابْنه الْحَسَنُ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعَائِشَةُ، وَرَوَاهُ الْأَثْرَمُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ وَهُمَا مِنْ أَهْلِهَا كَالْمَرْأَةِ، بِخِلَافِ الْجِزْيَةِ وَالْعَقْلِ - (أَرْبَعَةٌ) : أَحَدُهَا: (الْإِسْلَامُ) .
(وَ) الثَّانِي: (الْحُرِّيَّةُ) ، وَ (لَا) يُشْتَرَطُ (كَمَالُهَا) ، أَيْ: الْحُرِّيَّةِ، (فَيَجِبُ) الزَّكَاةُ (عَلَى مُبَعَّضٍ بِقَدْرِ مِلْكِهِ) مِنْ الْمَالِ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ، لِتَمَامِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ. وَ (لَا) تَجِبُ زَكَاةٌ عَلَى (كَافِرٍ) ، «لِحَدِيثِ مُعَاذٍ حِين بَعَثَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْيَمَنِ: إنَّك تَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَادْعُهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَك بِذَلِكَ؛ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّهَا أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، فَلَمْ تَجِبْ عَلَى كَافِرٍ كَالصِّيَامِ.
(وَلَوْ) كَانَ الْكَافِرُ (مُرْتَدًّا) ، لِأَنَّهُ كَافِرٌ، فَأَشْبَهَ الْأَصْلِيَّ، فَإِذَا أَسْلَمَ لَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُ لِزَمَنِ رِدَّتِهِ، لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] ، وَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ» (وَلَا) تَجِبُ زَكَاةٌ عَلَى (رَقِيقٍ) ، لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِتَمْلِيكٍ مِنْ سَيِّدٍ أَوْ غَيْرِهِ.
(وَلَوْ) كَانَ (مُكَاتَبًا) ، لِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا: «لَيْسَ فِي مَالِ الْمُكَاتَبِ زَكَاةٌ حَتَّى يَعْتِقَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ. وَقَالَهُ جَابِرٌ وَابْنُ عُمَرَ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمَا مُخَالِفٌ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ، وَلِأَنَّ تَعَلُّقَ

الصفحة 6