كتاب مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (اسم الجزء: 2)

حَاجَتِهِ إلَى فَكِّ رَقَبَتِهِ مِنْ الرِّقِّ بِمَالِهِ أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِ حَاجَةِ الْحُرِّ الْمُفْلِسِ بِمَسْكَنِهِ وَثِيَابِ بِذْلَته، فَكَانَ بِإِسْقَاطِ الزَّكَاةِ عَنْهُ أَوْلَى وَأَحْرَى. (وَلَا يَمْلِكُ رَقِيقٌ غَيْرُهُ) ، أَيْ: الْمُكَاتَبَ.
(وَلَوْ مَلَكَ) مِنْ سَيِّدِهِ أَوْ غَيْرِهِ، لِأَنَّهُ مَالٌ فَلَا يَمْلِكُ الْمَالَ كَالْبَهَائِمِ، فَمَا جَرَى فِيهِ صُورَةُ تَمْلِيكٍ مِنْ سَيِّدِهِ لِعَبْدِهِ زَكَاتُهُ عَلَى السَّيِّدِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ، (فَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا) أَوْ أَمَةً، (وَوَهَبَهُ شَيْئًا) زَكَوِيًّا، (ثُمَّ ظَهَرَ أَنْ الْعَبْدَ) أَوْ الْأَمَةَ (كَانَ حُرًّا، فَلَهُ) ، أَيْ السَّيِّدَ (أَخْذُ مَا وَهَبَهُ لَهُ) ، لِأَنَّهُ إنَّمَا وَهَبَهُ لَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَلَكَهُ، فَإِذَا تَبَيَّنَ خِلَافُهُ رَجَعَ بِهِ

[فَرْعٌ الزَّكَاةُ فِي مَالٍ مَوْقُوفٍ لِجَنِينٍ]
(فَرْعٌ: لَا تَجِبُ) الزَّكَاةُ (فِي مَالٍ مَوْقُوفٍ لِجَنِينٍ) ، أَيْ: الَّذِي وُقِفَ لَهُ فِي إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ، (لِأَنَّهُ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ) ، أَيْ: الْجَنِينِ (أَحْكَامُ الدُّنْيَا) مَا دَامَ حَمْلًا (إلَّا فِي عِتْقٍ) ، كَمَا لَوْ كَانَ رَقِيقًا وَعَتَقَهُ سَيِّدُهُ، ثُمَّ انْفَصِلْ حَيًّا، فَثَبَتَتْ لَهُ الْحُرِّيَّةُ بِالْعِتْقِ (عَنْ غَيْرِ كَفَّارَةٍ) ، أَمَّا عَنْهَا فَلَا يُجْزِئُ بَدَلًا.
(وَ) إلَّا (فِي إرْثٍ وَ) إلَّا فِي (وَصِيَّةٍ) ، أَيْ: فَيَمْلِكُ مَا وَرِثَهُ أَوْ وَصَّى لَهُ بِهِ مِلْكًا مُرَاعًا (بِشَرْطِ خُرُوجِهِ حَيًّا) ، قَالَهُ الْمُوَفَّقُ، لِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ مِلْكُهُ حِينَئِذٍ فَيُزْكِيهِ وَلِيُّهُ إذَا حَالَ عَلَيْهِ حَوْلٌ مِنْ حِينِ تَمَامِ الْمِلْكِ، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ حَيًّا تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا، فَيُزَكِّي مَا وُقِفَ لَهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ، لِأَنَّهُ مِلْكُهُمْ، وَأَمَّا وَصِيٌّ لَهُ بِهِ فَزَكَاتُهُ عَلَى الْمُوصِي، لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ. (وَيَتَّجِهُ) : بِ (احْتِمَالٍ) قَوِيٍّ.
(وَ) لَوْ خَرَجَ الْجَنِينُ الْمَوْقُوفُ إرْثُهُ (مَيِّتًا، يَنْفُذْ تَصَرُّفٌ) صَدَرَ مِنْ (وَارِثٍ) فِي ذَلِكَ الْمَالِ الْمَوْقُوفِ قُبَيْلَ خُرُوجِ الْجَنِينِ، لِعَدَمِ ثُبُوتِ مِلْكِهِ، كَمَا لَوْ بَاعَ مَالَ مُورِثِهِ ظَانًّا أَنَّهُ حَيٌّ، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَيًّا حِينَ الْبَيْعِ، فَيَصِحُّ، لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا بِمَا ظَنَّ الْمُكَلَّفُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ

الصفحة 7