كتاب النفح الشذي شرح جامع الترمذي ط الصميعي (اسم الجزء: 2)
وقوله: لم يحمل الخبث معناه لم ينجس بملاصقة النجاسة ووقوعها فيه كما فسره في الرواية الأخرى، وتقديره لا يقبل النجاسة بل يدفعها عن نفسه؛ كما يقال: فلان لا يحمل الضيم؛ أي لا يقبله ولا يصبر عليه بل يأباه، ويدفعه.
قال الشيخ محيي الدين رحمه الله: وأما قول بعض المانعين من العمل بالقلتين أن معناه أنه يضعف عن حمله فخطأ فاحش من أوجه:
* أحدها: أن الرواية الأخرى مصرحة بغلطه، وهي قوله: فإنه لا ينجس.
* الثاني: أن الضعف عن الحمل إنما يكون في الأجسام كقولك: فلان لا يحمل الخشبة؛ أي يعجز عن حملها لثقلها، وأما في المعاني فمعناه لا يقبله كما ذكرنا.
* الثالث: أن سياق الكلام يفسده لأنه لو كان المراد أنه يضعف عن حمله، لم يكن التقييد بالقلتين معنى فإن ما دونهما أولى بذلك، فإن قيل: هذا الحديث متروك للظاهر بالإجماع في المتغير بالنجاسة فالجواب أنه عام خص منه المتغير بالنجاسة فبقي الباقي على عمومه.
وممن قال بالقلتين: الشافعي (¬1) وأحمد (¬2) وإسحاق (¬3) وأبو (¬4) ثور وأبو (¬5) عبيد وابن (¬6) خزيمة، وقد يستدل بهذا الحديث من يقول بنجاسة سؤر السباع لقوله: وما ينوبه من السباع.
¬__________
(¬1) الأم (1/ 42) ط. دار الكتب العلمية.
(¬2) مسائل أحمد وإسحاق (1/ 8).
(¬3) المصدر السابق.
(¬4) انظر فقه الإمام أبي ثور (114) لسعدي جبر.
(¬5) الطهور (127 - 131).
(¬6) صحيح ابن خزيمة (1/ 49).