كتاب النفح الشذي شرح جامع الترمذي ط الصميعي (اسم الجزء: 2)

وقد روى كل من الأقوال الثلاثة عن الإمام أحمد (¬1) رحمه الله ورضي عنه.
فأمَّا من ذهب إلى الجواز مطلقًا فله الأحاديث السابقة في الباب قبل هذا، حديث ميمونة، وعائشة، وعليّ، وأنس، ومن ذكر معهم قالوا: باعتراف كل منهم يصدق على ما أبقاه أنّه فضله وسؤره.
وقد قال بعض أهل العلم إنه لا مسمى، وهو كذلك، سؤرًا ولا فضلًا.
وحديث ابن عباس الآتي في الباب بعده، وهو صحيحٌ صريح كما سيأتي وهو وما في معناه.
وأمّا حديث الحكم بن عمرو، وما في معناه فتأولوه جمعًا بين الأحاديث.
قال الإمام أبو سليمان الخطابي (¬2) رحمه الله، وكان (¬3) وجه الجمع بين الحديثين أنّ النَّهي إنَّما وقع عن التطهّر بفضل ما تستعمله المرأة من الماء وهو ما سأل وفضل عن أعضائها عند التطهّر به دون الفضل الذي تسؤره في الإناء.
وفيه حجة لمن رأى أنّ الماء المستعمل لا يجوز الوضوء به. قلت: يعترض على هذا التأويل بفضل طهور الرجل أيضًا، ولو كان النَّهي لتلك العلّة لعمّمها، ولم يخصّ فضل المرأة من فضل الرجل، وللزم منه القول بطهارة الماء المستعمل فيما فضله الرجل، وهو لا يقول به، ويحتاج إلى الجواب عن الماء المستعمل في فضل الرجل.
قال (¬4): ومن النَّاس من جعل النَّهي في ذلك على الاستحباب دون الإيجاب.
قلت: وهذا أيضًا يقبل المنازعة.
¬__________
(¬1) المغني (1/ 214) مجموع فتاوى شيخ الإسلام (21/ 51).
(¬2) معالم السنن (1/ 36 - 37) ط دار الكتب العلمية.
(¬3) في العالم فكان.
(¬4) أي الخطابي والكلام الذي قبله اعتراض من ابن سيد النَّاس على الخطابي فليعلم.

الصفحة 57