كتاب النفح الشذي شرح جامع الترمذي ط الصميعي (اسم الجزء: 2)

حدّث به الطّهرانيّ، وحدّث به على الكمال لغيره، فعلى هذا الاحتمال يكون النظر بين عبد الرَّزاق والبرساني.
وعلى الأول يكون النظر بين الطّهرانيّ والدبري (¬1) وابن (¬2) زنجويه، وقد حصل المقصود من إبراز علة الحديث على رأيهم والله (¬3) أعلم (¬4).
وقال الشَّيخ أبو (¬5) العباس القرطبي -رحمه الله-: وقول عمرو بن دينار: أكبر علمي، والذي يخطر ببالي أنَّ أبا الشعثاء أخبرني: ذهب بعضهم إلى أنّ هذا ممَّا يسقط التمسّك بالحديث لأنَّه لا شك في الإسناد، والصحيح فيما يظهر لي أنّه ليس مسقط له من وجهين:
* أحدهما: أنَّ هذا غالب ظنّ لا شك، وأخبار الآحاد إنَّما تفيد غلبة الظنّ، غير أن الظنّ على مراتب في القوة والضعف، وذلك موجب للترجيح، بهذا الحديث وإن لم يسقط بأن عارضه ما جزم الراوي فيه بالرواية كان المجزوم به أولى.
* الوجه الثَّاني: أن التِّرمذيَّ رواه من طريق أخرى وصححه (5).
قلت: الاعتراض على ما ذكره من وجهين، أما الأول: فلا نسلّم أنَّ الرّواية تجوز مع شيء من الشّكّ، ولا أنَّها تُفيدُ الظَّن وهي مظنونة غير متحقِّقة، بل لا تفيدُ الظنّ، وإن كانتْ معلومة غيرَ مشكوك فيها.
فإن قيل: فكيف بإخراج مسلم (¬6) لها، وهي كذلك على الشَّك فالجواب: أن مسلمًا لم يخرج حديث ابن جريج عن محمد عن ... في هذه الواقعة، حتَّى
¬__________
(¬1) زيادة بين كما في بيان الوهم والإيهام (3/ 333).
(¬2) واسمه حميد بن مخلد وزنجويه لقب أبيه، انظر: تاريخ بغداد (8/ 160) برقم 4266.
(¬3) في بيان الوهم والإيهام والله الموفق للصواب.
(¬4) بيان الوهم والإيهام (3/ 332 - 333).
(¬5) المفهم (1/ 584).
(¬6) في صحيحه كتاب الحيض (1/ 257) برقم 323 باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة.

الصفحة 61