كتاب النفح الشذي شرح جامع الترمذي ط الصميعي (اسم الجزء: 2)

تقدَّمت عنده طريق سفيان عن عمرو (¬1) التي لا شك فيها، وإن اختلفت ألفاظ الخبرين فهما واحد على طريقته لا يضره ذلك، فهذا الحديث عند مسلم كالمتابعة، والشاهد له، وصح الحديث عند مسلم بمجموع المسندين.
وأمَّا الثَّاني: فلفظ الحديث الذي صححه التِّرمذيُّ (¬2) من رواية ابن عباس عن ميمونة: "كنت أغتسل أنا ورسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - من إناء واحد من الجنابة" وهذا مسألة لم يختلف فيها.
وأمّا حديث ابن جريج عن عمرو (¬3) الذي وقع الشَّك فيه، فلفظه: "أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل بفضل ميمونة"؛ وهذا موضع النزاع، ولم يصحح التِّرمذيُّ هنا غير حديثين: أحدهما: الذي ذكرنا في اغتسالهما من إناء واحد وهو حديث: يغتسل بفضل ميمونة عن رواية عمرو بن دينار، عن أبي الشعثاء، عن ابن عباس (¬4). واحد من مخرج واحد، وإن اختلف على ابن عيينة فيه؛ فبعضهم يجعله عن ابن عباس، عن ميمونة (¬5). وبعصهم عن ابن عباس (5) ... الحديث إلى آخره، كما اختار البُخاريّ (5).
¬__________
(¬1) صحيح مسلم كتاب الحيض (1/ 257) برقم 322 وقول المصنف: تقدمت عنده طريق سفيان عن عمرو فيه نظر، فإن مسلمًا روى الحديث من طريق سفيان عن عمرو عن أبي الشعثاء والتي ليس فيها شك وهو برقم 322 ثم أتبعه بالطريق التي فيها شك والله أعلم.
(¬2) الجامع (1/ 91).
(¬3) وهو في صحيح مسلم كتاب الحيض (1/ 257) برقم 323.
(¬4) الجامع (1/ 91) برقم 62.
(¬5) صحيح البُخاريّ كتاب الغسل (1/ 102) برقم 253 باب الغسل بالصاع وقال البُخاريّ كان ابن عيينة يقول أخيرًا عن ابن عباس عن ميمونة والصحيح ما روى أبو نعيم قلت قال الحافظ في الفتح: وإنَّما رجح البُخاريّ رواية أبي نعيم جريًا على قاعدة المحدثين لأنَّ من جملة المرجحات عندهم قدم السماع لأنه مظنه قوة حفظ الشَّيخ، ولرواية الآخرين جهة أخرى من وجوه الترجيح وهي كونهم أكثر عددًا وملازمة لسفيان ورجحها الإسماعيلي من جهة أخرى من حيث المعنى وهي كون ابن عباس لا يطلع على النَّبيِّ صَلَّى الله عليه وسلم في حال اغتساله مع ميمونة فيدل على أنَّه أخذه عنها، انظر فتح الباري (1/ 488 - 489) ط دار الفكر.

الصفحة 62