كتاب النفح الشذي شرح جامع الترمذي ط الصميعي (اسم الجزء: 2)

قال أبو (¬1) عمر: وجماعة الفقهاء وأئمة الحديث الذين لهم نصيب بالفقه والنظر هذا قولهم: إنه لا يقبل من ابن معين ولا من غيره فيمن اشتهر بالعلم وعرف به، وصحّت عدالته وفهمه، إلا أن يتبين الوجه الذي يجرحه به على حسب ما يجوز من تجريح العدل المبرز للشهادة، وهذا الذي لا يصح أن يعتقد غيره ولا يحل أن يلتفت إلى ما خالفه (¬2).
وقال ابن الجوزي -في ترجمة عكرمة هذا (¬3) -: وقد أخرج عنه البخاري ومسلم في "الصحيحين".
وهذا يوهم الاحتجاج به عندهما، وليس كذلك، أما البخاري: فأكثر عنه في "صحيحه"، وقد ذكرنا ثناءه عليه.
وأما مسلم: فإنّما أخرج له حديثًا واحدًا في "كتاب الحج" (¬4) مقرونًا بغيره.
وقال عبد الله محمد بن إسحاق بن مسنده الأصبهاني: وأما حال عكرمة مولى ابن عباس رحمه الله في الثقة، فقد عدّله أئمة من نبلاء التابعين ومن بعدهم، وحدّثوا عنه واحتجوا بمفاريده في الصفات والسنن والأحكام، وروى عنه زهاء ثلثمائة رجل من أئمة البلدان فمنهم زيادة على سبعين رجلًا من خيار التابعين ورفعائهم، وهذه منزلة لا تكاد توجد منهم لكبير أحد من التابعين إلا لعكرمة مولى ابن عباس رحمة الله عليه، على أن من جرحه من الأئمة لم يمسكوا عن الرواية عنه، ولم يستغنوا عن حديثه مثل يحيى بن سعيد الأنصاري مالك بن أنس وأمثالهما رحمة الله عليهم، وكان يتلقى حديثه بالقبول ويحتج به قرنًا بعد قرن، وإمامًا بعد إمام إلى وقت الأئمة الأربعة، الذين أخرجوا الصحيح وميّزوا ثابت الحديث من سقيمه وخطأه
¬__________
(¬1) التمهيد (2/ 34).
(¬2) التمهيد (2/ 34) وانظر جامع بيان العلم له ففيه فصل جيد (2/ 1087 - 1119).
(¬3) الضعفاء والمتروكون (2/ 182) برقم 2334.
(¬4) صحيح مسلم كتاب الحج (2/ 868 - 869) برقم 1208 باب جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض ونحوه مقرونًا بطاوس وفي الحديث الذي بعده مقرونًا بسعيد بن جبير.

الصفحة 86