كتاب النفح الشذي شرح جامع الترمذي ط الصميعي (اسم الجزء: 2)

عن ابن عمر أنّه قال لمملوكه: يا نافع لا تكذب على كما كذب عكرمة على ابن عباس، وقد بينّاه على الاحتمال هذا القول من ابن عمر من الوجوه ما قد ذكرنا بعضها، وهم مع ذلك من استشهادهم على دفع عدالة عكرمة وجرحهم شهادته وتوهينهم روايته بما ذكرنا من الرواية الواهية عن ابن عمر عندهم. نافع عن ابن عمر في نقل ما روى من خبر في الدين حجة، وفيما شهد به عدل ثقة مع صحة الخبر عن أن مولاه سالم، أنّه قال: إذ خبر عنه أنّه يروي عن أبيه عبد الله بن عمر: من استجاز إتيان النساء في أدبارهنّ كذب، وذلك صريح التكذيب منه لنافع، فلم يروا ذلك من قول سالم لنافع جرحًا ولا عليه في روايته طعنًا ورأوا أنّ قول ابن عمر لنافع لا تكذب على كذب عكرمة على ابن عباس، له جرح، وفي روايته طعن، يسقط شهادته.
قال أبو جعفر: ولم يعارض ما يلي ما ذكرنا في عكرمة بما قيل في نافع طعنًا منا على نافع، بل أمرهما عندنا في أنَّ ما نقلا في الدين من خبر حجة لازم العمل به.
فمن كان بخبر الواحد العدل ذاتيًّا، ولكنا أردنا أن نريهم تناقض قولهم.
وقال أيضًا: وغير بعيد أن يكون الذي حكي عن ابن عمر في عكرمة نظير الذي حكي عن سعيد فيه، وقال أيضًا: وأما ما نسب إليه عكرمة من مذهب الصفرية (¬1)، فلو كان كل من ادعى عليه مذهب من المذاهب الرديئة ونحله، لم يثبتُ
¬__________
(¬1) الصفرية فرقة من الخوارج أتباع زياد بن الأصفر وقولهم كقول الأزارقة في أن أصحاب الذنوب مشركون إلا أن الصفرية لا يرون قتل أطفال مخالفيهم ولا نسائهم، وقالوا كل ذنب له حد معلوم في الشريعة لا يسمي مرتكبه مشركًا ولا كافرًا بل يدعى باسمه المشتق من جريمته فيقال سارق وقاتل وقاذف وكل ذنب ليس فيه حد كمن يترك الصلاة فمرتكبه كافر ولا يسمون مرتكب واحد من هذين النوعين جميعًا مؤمنًا. =

الصفحة 90