كتاب النفح الشذي شرح جامع الترمذي ط الصميعي (اسم الجزء: 2)

عمر (¬1) بن صبح لا يحتجّ به.
وقوله: إن الماء لا يجنب، أي لا ينتقل إليه حكم الجنابة، وفي بعض ألفاظه: إن الماء لا ينجسه شيء؛ كذلك هو عند الإمام أحمد (¬2)، والمراد منه أيضًا والله أعلم، لا يمتنع التطهّر به كامتناعه بما تنجس، وإلا فمعلوم أنّه لم يتنجس بكونه طهور امرأة، وقد يؤخذ منه طهورية الماء المستعمل حيث لم يجعل بين الطهورية والنجاسة واسطة لاستعمال الماء من التطهر بالماء المستعمل عند من يقول بطهارته دون طهوريته، لأنه لم يكن المراد حكم معرفة ذلك الماء في الطهارة والنجاسة، وإنما المراد جواز التطهر به أو عدمه. فضمن إخباره - عليه السلام - إياها لجواز الوضوء به أو الاغتسال، إذا لم ينجسه شيء لأنه لا واسطة بين الطهارة والنجاسة في جواز التطهّر به، أو عدمه، وذكر شيخنا الإمام أبو (¬3) الفتح القشيري رحمه الله تعالى أنّه يستفاد ذلك منه من وجوه:
* أحدها: ما دلّ عليه الجواب من ردّ توهّم المرأة لفساد الماء بالاستعمال.
* وثانيها: قوله - عليه السلام - إن الماء لا يجنب، أي لا ينتقل إليه حكم الجنابة، وهو المنع ذكر ذلك تعليلًا لجواز الوضوء به.
* وثالثها: أنّها لما أخبرت أنّها كانت جنبًا أي عند الاغتسال منه، وأحوال الجنب عند الاغتسال مختلفة، تارة تكون بالانغماس وتارة تكون بالتناول، وبعد التناول تارة ينوي رفع الحديث، وتارة ينوي الاغتراف بخصوصيّة. أعني مع قطع نية رفع الحديث عن اليد، وتارة لا ينوي واحدًا منهما ويذهل، ثم حصل الجواب بما
¬__________
(¬1) انظر ترجمته في الجرح والتعديل (6/ 116) برقم 629 وتهذيب الكمال (21/ 396 - 398) برقم 4259، تهذيب التهذيب (3/ 233 - 234).
(¬2) المسند (6/ 172).
(¬3) شرح الإلمام (2/ 125 - 126).

الصفحة 93