كتاب حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة (اسم الجزء: 2)

بدمياط، وكان معظمًا للسنة وأهلها، قال الذهبي: وكانت له إجازة من السلفي، وخرج له أبو القاسم بن الصفراوي أربعين حديثًا سمعها من جماعة.
وقال ابن خلِّكان: اتسعت المملكة للملك الكامل، حتى قال خطيب مكة مرة عند الدعاء له: سلطان مكة وعبيدها، واليمن وزبيدها، ومصر وصعيدها، والشام وصناديدها، والجزيرة ووليدها، سلطان القبلتين، ورب العلامتين، وخادم الحرمين الشريفين، الملك الكامل أبو المعالي ناصر الدين محمد خليل أمير المؤمنين.
وكانت وفاته بدمشق يوم الأربعاء حادي عشري رجب سنة خمس وثلاثين وستمائة.
وأقيم بعده ولده الملك العادل أبو بكر، وكان نائب أبيه بمصر مدة غيبته، فبلغ ذلك أخاه الأكبر الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل صاحب حصن كيفا،
فقدم، وبرز العادل إلى بلبيس قاصدًا للقتال، فاختلفت عليه الأمراء، فقيدوه، واعتقلوه، وأرسلوا إلى الصالح أيوب فوصل إليهم، فملكوه، وذلك في صفر سنة سبع وثلاثين. فأقام في الملك عشر سنين إلا أربعة أشهر. وكان مهيبًا جدًّا، دبر المملكة على أحسن وجه، وبنى المدارس الأربعة بين القصرين، وعمر قلعة بالروضة، واشترى ألف مملوك وأسكنهم بها، وسماهم البحرية، وهو الذي أكثر من شراء الترك وعتقهم وتأميرهم، ولم يكن ذلك قبله، فقام الشيخ عز الدين بن عبد السلام القومة الكبرى في بيع أولئك الأمراء، وصرف ثمنهم في مصالح المسلمين، وقال بعض الشعراء:
الصالح المرتضى أيوب أكثر من ... ترك بدولته، يا شر مجاوب!

الصفحة 34