كتاب خزانة الأدب وغاية الأرب لابن حجة الحموي (اسم الجزء: 2)

وقال الشيخ جمال الدين: قلت:
وبمهجتي رشأ يميس قوامه ... فكأنه نشوان من شفتيه1
شغف العذار بخده ورآه قد ... نعست لواحظه فدب عليه2
أخذه الشيخ الصلاح الصفدي وقال:
وأهيف كالغصن الرطيب إذا انثنى ... تميل حمامات الأراك إليه
له عارض لما رأى الطرف ناعسًا ... أتى خده سرًّا فدب عليه
قال الشيخ جمال الدين: قلت:
يا غادرًا ولم أغدر بصحبته ... وكان مني مكان السمع والبصر
قد كنت من قلبك القاسي أخال جفا ... فجاء ما خلته نقشًا على حجر3
فأخذه الشيخ صلاح الدين وقال:
ما زلت أشكو حين وفر في الضنى ... قسمي وأسلمني إلى البلوى وفر4
حتى تأثر من شكاية لوعتي ... لي قلبه فرأيت نقشًا في حجر
وأحسن ما وقع في هذا الباب، للشيخ جمال الدين بن نباتة أنه قال:
بروحي عاطر الأنفاس ألمى ... مليء الحسن حالي الوجنتين5
له خالان في دينار خدٍّ ... تباع له القلوب بحبتين6
فأخذه الشيخ صلاح الدين الصفدي وقال:
بروحي خدّه المحمر أضحت ... عليه شامة شرط المحبه
كأن الحسن يعشقه قديمًا ... فنقطه بدينار وحبه7
__________
1 يميس: يتمايل في مشيته، والرشأ: الغزال. النشوان: السكران.
2 العذار: خط من النخل والشجر والرمل، والمقصود ورد ذلك المكان أو طيوره، والله أعلم.
3 أخال: أظن. والجفاء: القسوة والهجر.
4 الضنى: الحزن والمرض.
5 الألمى: الأسمر الشفاه. حالي الوجنتين: من الحلا أي أنهما حلوتين أو أنهما حُلِيَتَا فليس عليهما شعر.
6 الخال: الشامة. الحبتين: هما حبتا القلب أو مكان الفرح والحزن والحب والنغض منه، أو هما. الصمامان والله أعلم.
7 نقطه: جعل عليه نقطًا، أو قدم له هدية في يوم عرسه وهذه تسمى "نقطة".

الصفحة 122