كتاب شرح التلويح على التوضيح (اسم الجزء: 2)

الْوَصْفِ فِي الْجِنْسِ الْقَرِيبِ لِهَذَا الْحُكْمِ إذْ لَمْ يُعْهَدْ فِي الشَّرْعِ إبَاحَةُ قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ لَكِنْ وُجِدَ اعْتِبَارُ الضَّرُورَةِ فِي الرُّخَصِ فِي اسْتِبَاحَةِ الْمُحَرَّمَاتِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَيَّدَ الْمَصْلَحَةَ بِكَوْنِهَا ضَرُورِيَّةً قَطْعِيَّةً كُلِّيَّةً كَمَا لَوْ تَتَرَّسَ الْكُفَّارُ بِجَمْعٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَنَعْلَمُ أَنَّا لَوْ تَرَكْنَاهُمْ اسْتَوْلَوْا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَقَتَلُوهُمْ وَلَوْ رَمَيْنَا التُّرْسَ يَخْلُصُ أَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ فَتَكُونُ الْمَصْلَحَةُ ضَرُورِيَّةً؛ لِأَنَّ صِيَانَةَ الدِّينِ وَصِيَانَةَ نُفُوسِ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ دَاعِيَةٌ إلَى جَوَازِ الرَّمْيِ إلَى التُّرْسِ وَتَكُونُ قَطْعِيَّةً؛ لِأَنَّ حُصُولَ الْمَصْلَحَةِ وَهِيَ صِيَانَةُ الدِّينِ وَنُفُوسِ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ بِرَمْيِ التُّرْسِ تَكُونُ قَطْعِيَّةً لَا ظَنِّيَّةً كَحُصُولِ الْمَصْلَحَةِ فِي رُخَصِ السَّفَرِ فَإِنَّ السَّفَرَ مَظِنَّةُ الْمَشَقَّةِ وَتَكُونُ كُلِّيَّةً؛ لِأَنَّ اسْتِخْلَاصَ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ مَصْلَحَةٌ كُلِّيَّةٌ فَخَرَجَ بِقَيْدِ الضَّرُورَةِ مَا لَوْ تَتَرَّسَ الْكَافِرُونَ فِي قَلْعَةٍ بِمُسْلِمٍ لَا يَحِلُّ رَمْيُ التُّرْسِ وَبِالْقَطْعِيَّةِ مَا لَمْ نَعْلَمْ تَسَلُّطَهُمْ إنْ تَرَكْنَا رَمْيَ التُّرْسِ وَبِالْكُلِّيَّةِ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْمَصْلَحَةُ كُلِّيَّةً كَمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ اعْتِبَارُ عَيْنِهِ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ أَوْ اعْتِبَارُ جِنْسِهِ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ وَاعْتِبَارُ جِنْسِهِ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ أَوْ لَا، فَإِنْ ثَبَتَ فَهُوَ الْمُلَائِمُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ فَهُوَ الْغَرِيبُ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعْتَبَرِ لَا بِنَصٍّ، وَلَا بِإِجْمَاعٍ، وَلَا بِتَرَتُّبِ الْحُكْمُ عَلَى وَفْقِهِ فَهُوَ الْمُرْسَلُ، وَيَنْقَسِمُ إلَى مَا عُلِمَ إلْغَاؤُهُ وَإِلَى مَا لَمْ يُعْلَمْ إلْغَاؤُهُ، وَالثَّانِي يَنْقَسِمُ إلَى مُلَائِمٍ قَدْ عُلِمَ اعْتِبَارُ عَيْنِهِ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ أَوْ جِنْسِهِ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ أَوْ فِي جِنْسِهِ وَإِلَى مَا لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ ذَلِكَ وَهُوَ الْغَرِيبُ فَإِنْ كَانَ غَرِيبًا أَوْ عُلِمَ إلْغَاؤُهُ فَمَرْدُودٌ اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ مُلَائِمًا فَقَدْ صَرَّحَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ بِقَبُولِهِ وَشَرَطَ الْغَزَالِيُّ فِي قَبُولِهِ شُرُوطًا ثَلَاثَةً أَنْ تَكُونَ ضَرُورِيَّةً لَا حَاجِيَّةً وَقَطْعِيَّةً لَا ظَنِّيَّةً وَكُلِّيَّةً لَا جُزْئِيَّةً أَيْ مُخْتَصَّةً بِشَخْصٍ، فَفَتْحُ الْقَلْعَةِ لَيْسَ فِي مَحَلِّ الضَّرُورَةِ، وَخَوْفُ الِاسْتِيلَاءِ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ لَا يُجَوِّزُ الرَّمْيَ لِكَوْنِهِ ظَنِّيًّا، وَإِلْقَاءُ بَعْضِ أَهْلِ السَّفِينَةِ لِنَجَاةِ الْبَعْضِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ جُزْئِيَّةٌ فَالْمُلَائِمُ كَعَيْنِ الصِّغَرِ الْمُعْتَبَرِ فِي جِنْسِ الْوِلَايَةِ إجْمَاعًا وَكَجِنْسِ الْحَرَجِ الْمُعْتَبَرِ فِي عَيْنِ رُخْصَةِ الْجَمْعِ وَكَجِنْسِ الْجِنَايَةِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانُ الْمُعْتَبَرُ فِي جِنْسِ الْقِصَاصِ وَالْغَرِيبُ كَمَا يُعَارَضُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِ الْفَارِّ فَيُحْكَمُ بِإِرْثِ زَوْجَتِهِ قِيَاسًا عَلَى الْقَاتِلِ حَيْثُ عُورِضَ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ وَهُوَ الْإِرْثِ فَحُكِمَ بِعَدَمِ إرْثِهِ، فَهَذَا لَهُ وَجْهُ مُنَاسَبَةٍ.
وَفِي تَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ تَحْصِيلُ مَصْلَحَةٍ هِيَ نَهْيُهُ عَنْ الْفِعْلِ الْحَرَامِ لَكِنْ لَمْ يُشْهَدْ لَهُ أَصْلٌ بِالِاعْتِبَارِ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ وَمَا عُلِمَ إلْغَاؤُهُ كَتَعْيِينِ إيجَابِ الصَّوْمِ فِي الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ يَسْهُلُ عَلَيْهِ الْإِعْتَاقُ كَالْمَلِكِ فَإِنَّهُ مُنَاسِبٌ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ الزَّجْرِ لَكِنْ عُلِمَ عَدَمُ اعْتِبَارِ الشَّارِعِ لَهُ. قَالَ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ الْمَصَالِحِ مَا شَهِدَ الشَّرْعُ بِاعْتِبَارِهِ وَهِيَ أَصْلٌ فِي الْقِيَاسِ وَحُجَّةٌ، وَمِنْهَا مَا شُهِدَ بِبُطْلَانِهِ كَتَعْيِينِ الصَّوْمِ فِي كَفَّارَةِ الْمَلِكِ وَهُوَ بَاطِلٌ، وَمِنْهَا مَا لَمْ يُشْهَدْ لَهُ لَا بِالِاعْتِبَارِ، وَلَا بِالْإِبْطَالِ وَهَذَا فِي مَحَلِّ

الصفحة 142