كتاب شرح التلويح على التوضيح (اسم الجزء: 2)

الْحُكْمِ فَقَدْ وُجِدَ لِلْحُكْمِ أَصْلٌ مُعَيَّنٌ مِنْ نَوْعِهِ يُوجَدُ فِيهِ جِنْسُ الْوَصْفِ أَوْ نَوْعُهُ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ أَنَّهُ كُلَّمَا وُجِدَ لَهُ أَصْلٌ مُعَيَّنٌ مِنْ نَوْعِهِ يُوجَدُ فِيهِ جِنْسُ الْوَصْفِ أَوْ نَوْعُهُ فَقَدْ وُجِدَ اعْتِبَارُ نَوْعِ الْوَصْفِ أَوْ جِنْسِهِ فِي نَوْعِ الْحُكْمِ
(وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ أَخِيرَيْ الْأَرْبَعَةِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ) أَيْ قَدْ يُوجَدُ شَهَادَةُ الْأَصْلِ بِدُونِ وَاحِدٍ مِنْ أَخِيرَيْ الْأَرْبَعَةِ وَقَدْ يُوجَدُ وَاحِدٌ مِنْ أَخِيرَيْ الْأَرْبَعَةِ بِدُونِ شَهَادَةِ الْأَصْلِ وَقَدْ يُوجَدَانِ مَعًا (فَالتَّعْلِيلُ بِهِمَا بِدُونِ الشَّهَادَةِ حُجَّةٌ وَيُسَمَّى عِنْدَ الْبَعْضِ تَعْلِيلًا لَا قِيَاسًا وَعِنْدَ الْبَعْضِ هُوَ قِيَاسٌ أَيْضًا وَإِذَا وُجِدَ شَهَادَةُ الْأَصْلِ بِدُونِ التَّأْثِيرِ لَا يَكُونُ حُجَّةً عِنْدَنَا وَيُسَمَّى غَرِيبًا أَيْضًا) اعْلَمْ أَنَّ التَّعْلِيلَ بِأَوْلَى الْأَرْبَعَةِ لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ شَهَادَةِ الْأَصْلِ لِمَا قُلْنَا إنَّهَا أَعَمُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلِجِنْسِهِ وَهُوَ الْخُرُوجُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ تَأْثِيرٌ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ لَكِنْ لَيْسَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي الْجِنْسِ وَهُوَ حُرْمَةُ الْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا الْمُرَكَّبُ مِنْ الِاثْنَيْنِ فَالْمُرَكَّبُ مِنْ اعْتِبَارِ النَّوْعِ فِي النَّوْعِ مَعَ الْجِنْسِ فِي النَّوْعِ كَمَا فِي طَهَارَةِ سُؤْرِ الْهِرَّةِ فَإِنَّ الطَّوَافَ عِلَّةٌ لِلطَّهَارَةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ» وَجِنْسُهُ هُوَ مُخَالَطَةُ نَجَاسَةٍ يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا عِلَّةً لِلطَّهَارَةِ كَآبَارِ الْفَلَوَاتِ وَالْمُرَكَّبُ مِنْ اعْتِبَارِ النَّوْعِ فِي النَّوْعِ مَعَ النَّوْعِ فِي الْجِنْسِ كَإِفْطَارِ الْمَرِيضِ فَإِنَّهُ مُؤَثِّرٌ فِي الْجِنْسِ وَهُوَ التَّخْفِيفُ فِي الْعِبَادَةِ، وَكَذَا فِي الْإِفْطَارِ بِسَبَبِ الضَّرَرِ، وَالْمُرَكَّبُ مِنْ اعْتِبَارِ النَّوْعِ فِي النَّوْعِ مَعَ الْجِنْسِ فِي الْجِنْسِ كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ فِي الْمَجْنُونِ جُنُونًا مُطْبِقًا فَإِنَّهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَجْزٌ بِسَبَبِ عَدَمِ الْعَقْلِ مُؤَثِّرٌ فِي مُطْلَقِ الْوِلَايَةِ، ثُمَّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَجْزٌ دَائِمِيٌّ بِسَبَبِ عَدَمِ الْعَقْلِ عِلَّةٌ لِوِلَايَةِ النِّكَاحِ لِلْحَاجَةِ بِخِلَافِ الصِّغَرِ فَإِنَّهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ صِغَرٌ لَا يُوجِبُ هَذِهِ الْوِلَايَةَ.
وَالْمُرَكَّبُ مِنْ اعْتِبَارِ الْجِنْسِ فِي النَّوْعِ مَعَ الْجِنْسِ فِي الْجِنْسِ كَالْوِلَايَةِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ فَإِنَّ الْعَجْزَ لِعَدَمِ الْعَقْلِ مُؤَثِّرٌ فِي مُطْلَقِ الْوِلَايَةِ ثُمَّ هُوَ مُؤَثِّرٌ فِي الْوِلَايَةِ فِي الْمَالِ لِلْحَاجَةِ إلَى بَقَاءِ النَّفْسِ، وَالْمُرَكَّبُ مِنْ اعْتِبَارِ الْجِنْسِ فِي النَّوْعِ مَعَ النَّوْعِ فِي الْجِنْسِ كَخُرُوجِ النَّجَاسَةِ فَإِنَّهُ مُؤَثِّرٌ فِي وُجُوبِ الْوُضُوءِ ثُمَّ خُرُوجُهَا مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ كَمَا فِي الْيَدِ وَهِيَ آلَةُ التَّطْهِيرِ مُؤَثِّرٌ فِي وُجُوبِ إزَالَتِهَا وَالْمُرَكَّبُ مِنْ اعْتِبَارِ النَّوْعِ فِي الْجِنْسِ مَعَ الْجِنْسِ فِي الْجِنْسِ كَمَا فِي عَدَمِ الصَّوْمِ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، فَإِنَّ الْعَجْزَ لِعَدَمِ الْعَقْلِ مُؤَثِّرٌ فِي سُقُوطِ الْعِبَادَةِ لِلِاحْتِيَاجِ إلَى النِّيَّةِ ثُمَّ الْجِنْسُ وَهُوَ الْعَجْزُ لِخَلَلٍ فِي الْقُوَى مُؤَثِّرٌ فِي سُقُوطِ الْعِبَادَةِ كَذَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
(قَوْلُهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُرَكَّبَ مِنْ أَرْبَعَةٍ أَقْوَى الْجَمِيعِ) يَعْنِي أَنَّ قُوَّةَ الْوَصْفِ إنَّمَا هِيَ بِحَسَبِ التَّأْثِيرِ وَالتَّأْثِيرُ بِحَسَبِ اعْتِبَارِ الشَّارِعِ وَكُلَّمَا كَثُرَ الِاعْتِبَارُ قَوِيَ الْآثَارُ فَيَكُونُ الْمُرَكَّبُ أَقْوَى مِنْ الْبَسِيطِ، وَالْمُرَكَّبُ مِنْ أَجْزَاءٍ أَكْثَرَ أَقْوَى مِنْ الْمُرَكَّبِ مِنْ أَجْزَاءٍ أَقَلَّ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ فِيمَا سِوَى اعْتِبَارِ

الصفحة 148