كتاب شرح التلويح على التوضيح (اسم الجزء: 2)

الْوُضُوءُ وَهَذَا غَيْرُ ثَابِتٍ وَأَمَّا حَالُ وُجُودِ الْحَدَثِ فَلِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقُمْ إلَى الصَّلَاةِ مَعَ وُجُودِ الْحَدَثِ لَا يَجِبُ الْوُضُوءُ أَمَّا عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِالْمَفْهُومِ فَلِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ هُوَ مَدْلُولُ النَّصِّ وَأَمَّا عِنْدَنَا فَلِأَنَّ عَدَمَ وُجُوبِ الْوُضُوءِ، وَإِنْ كَانَ بِنَاءً عَلَى الْعَدَمِ الْأَصْلِيِّ لَكِنْ جَعَلَ هَذَا الْحُكْمَ حُكْمَ النَّصِّ مَجَازًا فَعُلِمَ بِهَذَا عِلِّيَّةُ الْحَدَثِ إذْ لَوْلَا ذَلِكَ لَمَا تَخَلَّفَ الْحُكْمُ عَنْ النَّصِّ أَصْلًا
(قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ» فَإِنَّهُ يَحِلُّ الْقَضَاءُ وَهُوَ غَضْبَانُ عِنْدَ فَرَاغِ الْقَلْبِ وَلَا يَحِلُّ عِنْدَ شَغْلِهِ بِغَيْرِ الْغَضَبِ، لَهُمْ أَنَّ عِلَلَ الشَّرْعِ أَمَارَاتٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَقَرَّ بِهِ أَكْثَرُ مُنْكَرِي الْقِيَاسِ فَهُوَ دُونَ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا تَخْرِيجُ الْمَنَاطِ فَهُوَ النَّظَرُ فِي إثْبَاتِ عِلَّةِ الْحُكْمِ الَّذِي دَلَّ النَّصُّ أَوْ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ دُونَ عِلَّتِهِ كَالنَّظَرِ فِي إثْبَاتِ كَوْنِ السُّكْرِ عِلَّةً لِحُرْمَةِ الْخَمْرِ وَهَذَا فِي الرُّتْبَةِ دُونَ النَّوْعَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَلِهَذَا أَنْكَرَهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ.
(قَوْلُهُ بِالدَّوَرَانِ) احْتَجَّ بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ عَلَى عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ بِدَوَرَانِ الْحُكْمِ مَعَهُ أَيْ تَرَتُّبِهِ عَلَيْهِ وُجُودًا وَيُسَمَّى الطَّرَدُ وَبَعْضُهُمْ وُجُودًا وَعَدَمًا وَيُسَمَّى الطَّرَدُ وَالْعَكْسُ كَالتَّحْرِيمِ مَعَ السُّكْرِ فَإِنَّ الْخَمْرَ يُحَرَّمُ إذَا كَانَ مُسْكِرًا وَتَزُولُ حُرْمَتُهُ إذَا زَالَ إسْكَارُهُ بِصَيْرُورَتِهِ خَلًّا وَشَرَطَ الْبَعْضُ وُجُودَ النَّصِّ فِي حَالَتَيْ وُجُودِ الْوَاصِفِ وَعَدَمِهِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا حُكْمَ لَهُ أَيْ لِلنَّصِّ وَذَلِكَ لِدَفْعِ احْتِمَالِ إضَافَةِ الْحُكْمِ إلَى الِاسْمِ وَتَعَيُّنِ إضَافَتِهِ إلَى مَعْنَى الْوَصْفِ فَإِنَّ الْحُرْمَةَ تَثْبُتُ لِلْعَصِيرِ إذَا اشْتَدَّ وَيُسَمَّى خَمْرًا وَتَزُولُ عِنْدَ زَوَالِ الشِّدَّةِ وَالِاسْمِ، فَإِذَا كَانَ الِاسْمُ قَائِمًا فِي الْحَالَيْنِ وَدَارَ الْحُكْمُ مَعَ الْوَصْفِ زَالَ شُبْهَةُ عِلِّيَّةِ الِاسْمِ وَتَعَيَّنَ عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ وَإِلَّا لَمَا تَخَلَّفَ الْحُكْمُ عَنْ النَّصِّ.
(قَوْلُهُ لَكِنْ جُعِلَ هَذَا الْحُكْمُ حُكْمَ النَّصِّ مَجَازًا) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ هَذَا الِاشْتِرَاطَ لَا يَصِحُّ عِنْدَ مَنْ لَا يَقُولُ بِمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ إذْ لَا يَكُونُ النَّصُّ قَائِمًا عِنْدَ الْوَصْفِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ لَهُ حِينَئِذٍ مُوجِبٌ لَا نَفْيًا، وَلَا إثْبَاتًا، وَلَا يَتَنَاوَلُ أَصْلًا مَثَلًا إذَا لَمْ يَقُمْ إلَى الصَّلَاةِ بَلْ قَعَدَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ النَّصُّ إلَّا عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ، وَأَمَّا عِنْدَ غَيْرِهِمْ فَيَكُونُ عَدَمُ وُجُوبِ الْوُضُوءِ مَبْنِيًّا عَلَى عَدَمِ دَلِيلِ الْوُجُودِ فَيُجْعَلُ مِنْ حُكْمِ النَّصِّ الْمَذْكُورِ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ حَيْثُ عَبَّرَ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ الْمُسْتَنِدِ إلَى النَّصِّ عَنْ مُطْلَقِ عَدَمِ الْوُجُوبِ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَحِلُّ الْقَضَاءُ وَهُوَ غَضْبَانُ) يَعْنِي أَنَّ النَّصَّ قَائِمٌ فِي حَالِ الْغَضَبِ بِدُونِ شَغْلِ الْقَلْبِ مَعَ عَدَمِ حُكْمِهِ الَّذِي هُوَ حُرْمَةُ الْقَضَاءِ عِنْدَ الْغَضَبِ وَأَيْضًا النَّصُّ قَائِمٌ فِي حَالِ عَدَمِ الْغَضَبِ وَشَغْلِ الْقَلْبِ بِنَحْوِ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ مَعَ عَدَمِ حُكْمِهِ الَّذِي هُوَ إبَاحَةُ الْقَضَاءِ عِنْدَ عَدَمِ الْغَضَبِ إمَّا بِطَرِيقِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ أَوْ الْإِبَاحَةِ الْأَصْلِيَّةِ أَوْ بِالنُّصُوصِ الْمُطْلَقَةِ فِي الْقَضَاءِ وَيُجْعَلُ مِنْ حُكْمِ النَّصِّ الْمَذْكُورِ مَجَازًا.
(قَوْلُهُ: وَالْوُجُودُ عِنْدَ الْوُجُودِ) كَانَ الْأَحْسَنُ أَنْ

الصفحة 155