كتاب شرح التلويح على التوضيح (اسم الجزء: 2)

فَلَا حَاجَةَ إلَى مَعْنًى يُعْقَلُ قُلْنَا نَعَمْ فِي حَقِّهِ تَعَالَى أَمَّا فِي حَقِّ الْعِبَادِ فَإِنَّهُمْ مُبْتَلُونَ بِنِسْبَةِ الْأَحْكَامِ إلَى الْعِلَلِ كَنِسْبَةِ الْمِلْكِ إلَى الْبَيْعِ وَالْقِصَاصِ إلَى الْقَتْلِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ مَعَ أَنَّ الْمَقْتُولَ مَيِّتٌ بِأَجَلِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْعِلَلِ وَالشُّرُوطِ، وَالْوُجُودُ عِنْدَ الْوُجُودِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْعِلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقَعُ اتِّفَاقًا وَقَدْ يَقَعُ فِي الْعَلَامَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ لَهَا أَيْضًا) أَيْ لَا يُشْتَرَطُ الْوُجُودُ عِنْدَ الْوُجُودِ لِلْعِلِّيَّةِ
(؛ لِأَنَّ التَّخَلُّفَ لِمَانِعٍ لَا يَقْدَحُ فِيهَا ثُمَّ الْعِلَّةُ عَيْنُ ذَلِكَ الْوَصْفِ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِتَخْصِيصِهَا، وَذَلِكَ الْوَصْفُ مَعَ عَدَمِ الْمَانِعِ عِنْدَ مَنْ لَا يَقُولُ بِهِ) اعْلَمْ أَنَّ تَخَلُّفَ الْحُكْمِ عَنْ الْعِلَّةِ لِمَانِعٍ لَا يَقْدَحُ فِي الْعِلِّيَّةِ أَمَّا عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ فَلِأَنَّ الشَّيْءَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً وَالْحُكْمُ تَخَلَّفَ عَنْهُ لِمَانِعٍ وَهَذَا التَّخَلُّفُ لَا يَقْدَحُ فِي الْعِلِّيَّةِ وَأَمَّا عِنْدَ مَنْ لَا يَقُولُ بِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ فَإِنَّ الْعِلَّةَ مَجْمُوعُ ذَلِكَ الْوَصْفِ مَعَ عَدَمِ الْمَانِعِ فَالْوَصْفُ يَكُونُ جُزْءًا لِلْعِلَّةِ فَمَعْنَى قَوْلِنَا إنَّ التَّخَلُّفَ لِمَانِعٍ لَا يَقْدَحُ فِيهَا أَنَّ التَّخَلُّفَ لِمَانِعٍ لَا يَقْدَحُ فِي كَوْنِ الْوَصْفِ جُزْءًا لِلْعِلَّةِ
(وَلَا يُشْتَرَطُ الْعَدَمُ عِنْدَ الْعَدَمِ لِأَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ بِعِلَّةٍ أُخْرَى وَقِيَامُ النَّصِّ فِي الْحَالَيْنِ وَلَا حُكْمَ لَهُ أَمْرٌ لَا يُوجَدُ إلَّا نَادِرًا فَكَيْفَ يُجْعَلُ أَصْلًا فِي بَابِ الْقِيَاسِ وَأَيْضًا هُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ فِي آيَةِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ الْحَدَثُ بِالنَّصِّ؛ لِأَنَّ ذِكْرَهُ فِي الْخَلَفِ ذِكْرٌ فِي الْأَصْلِ وَلِأَنَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَقُولَ الْوُجُودُ عِنْدَ الْوُجُودِ وَالْعَدَمُ عِنْدَ الْعَدَمِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْعِلِّيَّةِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِطَرِيقِ اتِّفَاقٍ كُلِّيٍّ أَوْ تَلَازُمِ تَعَاكُسٍ أَوْ يَكُونَ الْمَدَارُ لَازِمُ الْعِلَّةِ أَوْ شَرْطًا مُسَاوِيًا لَهَا فَلَا يُقَيِّدُ ظَنَّ الْعِلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهَا احْتِمَالٌ وَاحِدٌ وَهَذِهِ الِاحْتِمَالَاتُ كَثِيرَةٌ، وَقَدْ يُقَالُ إذَا وُجِدَ الدَّوَرَانُ مَعَ غَيْرِ مَانِعٍ مِنْ الْعِلِّيَّةِ مِنْ مَعِيَّةٍ كَمَا فِي الْمُتَضَايِفَيْنِ أَوْ تَأَخُّرٍ كَمَا فِي الْمَعْلُولِ وَالْعِلَّةِ أَوْ غَيْرِهِمَا كَمَا فِي شَرْطِ الْمُسَاوِي فَالْعَادَةُ قَاضِيَةٌ بِحُصُولِ الظَّنِّ بَلْ الْقَطْعُ بِالْعِلِّيَّةِ كَمَا إذَا دُعِيَ إنْسَانٌ بِاسْمٍ مُغْضِبٍ فَغَضِبَ ثُمَّ تُرِكَ فَلَمْ يَغْضَبْ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى عُلِمَ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ سَبَبُ الْغَضَبِ حَتَّى إنَّ مَنْ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ النَّظَرُ كَالْأَطْفَالِ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ وَيَتَّبِعُونَهُ فِي الطُّرُقِ وَيَدْعُونَهُ بِذَلِكَ الِاسْمِ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ النِّزَاعَ إنَّمَا هُوَ فِي حُصُولِ الظَّنِّ بِمُجَرَّدِ الدَّوْرَانِ وَهُوَ فِيمَا ذَكَرْتُمْ مِنْ الْمِثَالِ مَمْنُوعٌ إذْ لَوْلَا انْتِفَاءُ ظُهُورِ غَيْرِ ذَلِكَ إمَّا بِأَنَّهُ بَحَثَ عَنْهُ فَلَمْ يُوجَدْ، وَإِمَّا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ لَمَّا حَصَلَ الظَّنُّ غَايَتَهُ أَنَّهُ يُفِيدُ تَقْوِيَةَ الظَّنِّ الْحَاصِلِ مِنْ غَيْرِهِ وَرُبَّمَا يُقَالُ إنَّ هَذَا إنْكَارٌ لِلضَّرُورِيِّ وَقَدْحٌ فِي جَمِيعِ التَّجْرِيبِيَّاتِ فَإِنَّ الْأَطْفَالَ يَقْطَعُونَ بِهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ وَاسْتِدْلَالٍ بِمَا ذَكَرْتُمْ وَأَهْلُ النَّظَرِ كَالْمُجْتَمِعِينَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى كَادَ يَجْرِي مَجْرَى الْمَثَلِ أَنَّ دَوَرَانَ الشَّيْءِ مَعَ الشَّيْءِ آيَةُ كَوْنِ الْمَدَارِ عِلَّةً لِلدَّائِرِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْأَحْكَامَ الْعَقْلِيَّةَ لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ بِخِلَافِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْمَصَالِحِ فَلَا بُدَّ فِي بَيَانِ عِلَلِهَا مِنْ مُنَاسَبَةٍ أَوْ اعْتِبَارٍ مِنْ

الصفحة 156