كتاب شرح التلويح على التوضيح (اسم الجزء: 2)

لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ هَذِهِ الْأَقْسَامِ قَطْعًا
(وَالْمُسْتَحْسَنُ بِالْقِيَاسِ الْخَفِيِّ يُعَدَّى لَا الْمُسْتَحْسَنُ بِغَيْرِهِ نَظِيرُهُ أَنَّ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ الْيَمِينُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَطْ قِيَاسًا؛ لِأَنَّهُ الْمُنْكِرُ وَعَلَيْهِمَا قِيَاسًا خَفِيًّا؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يُنْكِرُ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ) أَيْ إنَّمَا يَحْلِفُ الْبَائِعُ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ وُجُوبَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ بِقَبْضِ مَا هُوَ ثَمَنٌ فِي زَعْمِ الْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ زِيَادَةَ الثَّمَنِ. وَلَمَّا كَانَ هَذَا ظَاهِرًا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمَتْنِ
(فَيُعَدَّى إلَى الْوَارِثِينَ) أَيْ إذَا اخْتَلَفَ وَارِثَا الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي قَدْرِ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ تَحَالَفَ الْوَارِثَانِ.
(وَإِلَى الْإِجَارَةِ) أَيْ إذَا اخْتَلَفَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي مِقْدَارِ الْأُجْرَةِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ تَحَالَفَا.
(وَأَمَّا بَعْدَ الْقَبْضِ فَثُبُوتُهُ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا» فَلَا يُعَدَّى إلَى الْوَارِثِ وَإِلَى حَالِ هَلَاكِ السِّلْعَةِ وَالِاسْتِحْسَانُ لَيْسَ مِنْ بَابِ تَخْصِيصِ الْعِلَّةِ عَلَى مَا يَأْتِي) بَعْضُ النَّاسِ زَعَمُوا أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ مِنْ بَابِ تَخْصِيصِ الْعِلَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا يَأْتِي فِي تَخْصِيصِ الْعِلَّةِ أَنَّ تَرْكَ الْقِيَاسِ بِدَلِيلٍ أَقْوَى لَا يَكُونُ تَخْصِيصًا.

(فَصْلٌ فِي دَفْعِ الْعِلَلِ الْمُؤَثِّرَةِ) أَيْ الِاعْتِرَاضَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْعِلَلِ الْمُؤَثِّرَةِ مِنْهُ النَّقْضُ وَهُوَ وُجُودُ الْعِلَّةِ فِي صُورَةٍ مَعَ تَخَلُّفِ الْحُكْمِ وَدَفْعُهُ بِأَرْبَعِ طُرُقٍ أَيْ الْجَوَابُ عَنْهُ يَكُونُ بِأَرْبَعِ طُرُقٍ
(الْأَوَّلُ مَنْعُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاحِدٌ، وَكَذَا بِالْقُوَّةِ وَالصِّحَّةِ لَكَانَ أَحَدُ الْقِسْمَيْنِ مُسْتَدْرَكًا (قَوْلُهُ وَالْمُسْتَحْسَنُ) قَدْ سَبَقَ أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ دَلِيلٌ يُقَابِلُ قِيَاسًا جَلِيًّا سَوَاءٌ كَانَ أَثَرًا أَوْ إجْمَاعًا أَوْ ضَرُورَةً أَوْ قِيَاسًا خَفِيًّا فَهَاهُنَا يُرِيدُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمُسْتَحْسَنِ بِالْقِيَاسِ الْخَفِيِّ وَالْمُسْتَحْسَنِ بِغَيْرِهِ فِي أَنَّ الْأَوَّلَ تَعَدَّى إلَى صُورَةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْقِيَاسِ التَّعْدِيَةَ وَالثَّانِي لَا يَقْبَلُ التَّعْدِيَةَ؛ لِأَنَّهُ مَعْدُولٌ بِهِ عَنْ سُنَنِ الْقِيَاسِ مَثَلًا إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْيَمِينُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ الْمُنْكِرُ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي شَيْئًا حَتَّى يَكُونَ الْبَائِعُ أَيْضًا مُنْكِرًا. فَهَذَا قِيَاسٌ جَلِيٌّ عَلَى سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ إلَّا أَنَّهُ ثَبَتَ بِالِاسْتِحْسَانِ التَّحَالُفُ أَيْ وُجُوبُ الْيَمِينِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي أَمَّا قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ فَبِالْقِيَاسِ الْخَفِيِّ وَهُوَ أَنَّ الْبَائِعَ يُنْكِرُ وُجُوبَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ بِمَا أَقَرَّ بِهِ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ كَمَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُنْكِرُ وُجُوبَ زِيَادَةِ الثَّمَنِ فَيَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ فَإِنَّ الْيَمِينَ تَكُونُ عَلَى الْمُنْكِرِ، وَأَمَّا بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ فَبِالْأَثَرِ وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا» فَوُجُوبُ التَّحَالُفِ قَبْلَ الْقَبْضِ يَتَعَدَّى إلَى وَارِثَيْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي إذَا اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ بَعْدَ مَوْتِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُورِثِ فِي حُقُوقِ الْعَقْدِ وَالْحُكْمُ مَعْقُولٌ، وَكَذَا يَتَعَدَّى إلَى الْإِجَارَةِ قَبْلَ الْعَمَلِ حَتَّى لَوْ اخْتَلَفَ

الصفحة 169