كتاب شرح التلويح على التوضيح (اسم الجزء: 2)

وُجُودِ الْعِلَّةِ فِي صُورَةِ النَّقْضِ نَحْوُ: خُرُوجُ النَّجَاسَةِ عِلَّةُ الِانْتِقَاضِ فَنُوقِضَ بِالْقَلِيلِ فَيُمْنَعُ الْخُرُوجُ فِيهِ وَكَذَا وُجُودُ مِلْكِ بَدَلِ الْمَغْصُوبِ يُوجِبُ مِلْكَهُ) أَوْ مِلْكَ الْمَغْصُوبِ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ الْبَدَلُ وَالْمُبْدَلُ مِنْهُ فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَاحِدٍ
(فَنُوقِضَ بِالْمُدَبَّرِ) أَيْ إذَا كَانَ مِلْكُ بَدَلِ الْمَغْصُوبِ عِلَّةً لِمِلْكِ الْمَغْصُوبِ فَفِي غَصْبِ الْمُدَبَّرِ يَكُونُ كَذَلِكَ لَكِنَّ الْحُكْمَ مُتَخَلِّفٌ؛ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ غَيْرُ قَابِلٍ لِلِانْتِقَالِ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ عِنْدَكُمْ
(فَيَمْنَعُ مِلْكَ بَدَلِهِ) أَيْ مِلْكَ بَدَلِ الْمَغْصُوبِ بِأَنْ يُمْنَعَ فِي الْمُدَبَّرِ كَوْنُ بَدَلِهِ بَدَلَ الْمَغْصُوبِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَدَلَ الْعَيْنِ بَلْ بَدَلُ الْيَدِ الْفَائِتَةِ
(فَإِنَّ ضَمَانَ الْمُدَبَّرِ لَيْسَ بَدَلًا عَنْ الْعَيْنِ بَلْ بَدَلٌ عَنْ الْيَدِ الْفَائِتَةِ وَالثَّانِي مَنْعُ مَعْنَى الْعِلَّةِ فِي صُورَةِ النَّقْضِ) أَيْ الْمَعْنَى الَّذِي صَارَتْ الْعِلَّةُ عِلَّةً لِأَجْلِهِ وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعِلَّةِ كَالثَّابِتِ بِدَلَالَةِ النَّصِّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَنْصُوصِ
(نَحْوُ: مَسْحِ الرَّأْسِ مَسْحٌ فَلَا يُسَنُّ فِيهِ التَّثْلِيثُ كَمَسْحِ الْخُفِّ فَنُوقِضَ بِالِاسْتِنْجَاءِ فَيُمْنَعُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ الْمَعْنَى الَّذِي فِي الْمَسْحِ وَهُوَ أَنَّهُ تَطْهِيرٌ حُكْمِيٌّ غَيْرُ مَعْقُولٍ وَلِأَجْلِهِ) أَيْ لِأَجْلِ أَنَّهُ تَطْهِيرٌ حُكْمِيٌّ غَيْرُ مَعْقُولٍ
(لَا يُسَنُّ فِي الْمَسْحِ التَّثْلِيثُ؛ لِأَنَّهُ لِتَوْكِيدِ التَّطْهِيرِ الْمَعْقُودِ فَلَا يُفِيدُ) أَيْ التَّثْلِيثُ
(فِي الْمَسْحِ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ وَيُفِيدُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ وَالثَّالِثُ قَالُوا هُوَ الدَّفْعُ بِالْحُكْمِ) وَهُوَ أَنْ يَمْنَعَ تَلَفَ الْحُكْمِ عَنْ الْعِلَّةِ فِي صُورَةِ النَّقْضِ
(وَذَكَرُوا لَهُ أَمْثِلَةً خُرُوجُ النَّجَاسَةِ عِلَّةٌ لِلِانْتِقَاضِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَصَّارُ وَرَبُّ الثَّوْبِ فِي مِقْدَارِ الْأُجْرَةِ قَبْلَ أَخْذِ الْقَصَّارِ فِي الْعَمَلِ تَحَالَفَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَصْلُحُ مُدَّعِيًا وَمُنْكِرًا وَالْإِجَارَةُ تَحْتَمِلُ الْفَسْخَ وَهُوَ فِي التَّحَالُفِ ثُمَّ الْفَسْخُ دَفْعٌ لِلضَّرَرِ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَأَمَّا وُجُوبُ التَّحَالُفِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا يَتَعَدَّى إلَى الْوَارِثِ وَلَا إلَى حَالِ هَلَاكِ السِّلْعَةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْقُولِ الْمَعْنَى إذْ الْبَائِعُ لَا يُنْكِرُ شَيْئًا فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ وَهُوَ تَحَالُفُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ حَالَ قِيَامِ السِّلْعَةِ وَمَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَعَاقِدَانِ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا» فَهُوَ أَيْضًا يُفِيدُ التَّقْيِيدَ بِقِيَامِ السِّلْعَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ رَدُّ الْمَأْخُوذِ فَظَاهِرٌ وَإِنْ أُرِيدَ رَدُّ الْعَقْدِ فَكَذَلِكَ إذْ الْفَسْخُ لَا يَرِدُ إلَّا عَلَى مَا وَرَدَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ. فَإِنْ قُلْت قَدْ سَبَقَ أَنَّ مِنْ شَرْطِ التَّعْدِيَةِ أَنْ لَا يَكُونَ الْحُكْمُ ثَابِتًا بِالْقِيَاسِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْجَلِيِّ وَالْخَفِيِّ فَكَيْفَ يَصِحُّ تَعْدِيَةُ الْمُسْتَحْسَنِ بِالْقِيَاسِ الْخَفِيِّ؟ . قُلْتُ الْمُعَدَّى بِالْحَقِيقَةِ هُوَ حُكْمُ أَصْلِ الِاسْتِحْسَانِ كَوُجُوبِ الْيَمِينِ عَلَى الْمُنْكِرِ فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ إلَّا أَنَّ صُورَةَ التَّحَالُفِ وَجَرَيَانَ الْيَمِينِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ لَمَّا كَانَتْ حُكْمَ الِاسْتِحْسَانِ الَّذِي هُوَ الْقِيَاسُ الْخَفِيُّ أُضِيفَتْ التَّعْدِيَةُ إلَيْهِ إذْ لَا يُوجَدُ فِي الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ سَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ يَمِينُ الْمُنْكِرِ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ، وَهُوَ أَنْ يَتَوَجَّهَ عَلَى الْمُتَنَازِعَيْنِ فِي قَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلَهُ: وَالِاسْتِحْسَانُ لَيْسَ مِنْ تَخْصِيصِ الْعِلَّةِ) هُوَ مَا تَوَهَّمَهُ الْبَعْضُ مِنْ أَنَّ الْقِيَاسَ ثَابِتٌ فِي صُورَةِ الِاسْتِحْسَانِ وَفِي سَائِرِ الصُّوَرِ، وَقَدْ تَرَكَ الْعَمَلَ بِهِ

الصفحة 170