كتاب شرح التلويح على التوضيح (اسم الجزء: 2)

الْحُكْمِ كَمَا إذَا أَصَابَ السَّهْمُ فَدَفَعَهُ الدِّرْعُ وَكَخِيَارِ الشَّرْطِ أَوْ مِنْ تَمَامِهِ كَمَا إذَا انْدَمَلَ بَعْدَ إخْرَاجِ السَّهْمِ وَالْمُدَاوَاةِ وَكَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَوْ مِنْ لُزُومِهِ كَمَا إذَا خَرَجَ وَامْتَدَّ حَتَّى صَارَ طَبْعًا لَهُ وَأُمِنَ وَكَخِيَارِ الْعَيْبِ فَالتَّخْصِيصُ لَيْسَ فِي الْأَوَّلَيْنِ بَلْ فِي الثَّلَاثِ الْأُخَرِ) ؛ لِأَنَّ التَّخْصِيصَ أَنْ تُوجَدَ الْعِلَّةُ وَيَتَخَلَّفَ الْحُكْمُ لِمَانِعٍ فَالْمَانِعُ مَا يَمْنَعُ الْحُكْمَ بَعْدَ وُجُودِ الْعِلَّةِ فَفِي الْأَوَّلِيَّيْنِ مِنْ الصُّوَرِ الْخَمْسِ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ لَمْ تُوجَدُ فِيهِمَا وَفِي الثَّلَاثِ الْأُخَرِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ وَالْحُكْمُ مُتَخَلِّفٌ لِمَانِعٍ فَتَخْصِيصُ الْعِلَّةِ مَقْصُورٌ عَلَى الثَّلَاثِ الْأُخَرِ فَلِهَذَا لَمْ يَقُلْ فِي الْمَتْنِ إنَّ الْمَوَانِعَ خَمْسَةٌ بَلْ قَالَ مَا يُوجِبُ عَدَمَ الْحُكْمِ خَمْسَةٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْخِيَارَاتِ أَنَّ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ قَدْ وُجِدَ السَّبَبُ وَهُوَ الْبَيْعُ وَالْخِيَارُ دَاخِلٌ عَلَى الْحُكْمِ وَهُوَ الْمِلْكُ عَلَى مَا عُرِفَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَحَاشِيًا عَنْ الْقَوْلِ بِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ فَعَدَمُ الْمَانِعِ عِنْدَهُمْ شَرْطٌ لِعِلِّيَّةِ الْوَصْفِ وَعِنْدَ الْأَكْثَرِينَ لِظُهُورِ الْأَثَرِ عَنْ الْعِلَّةِ فَانْتِفَاءُ الْحُكْمِ فِي صُورَةِ النَّقْضِ عِنْدَهُمْ يَكُونُ مُسْتَنِدًا إلَى عَدَمِ الْعِلَّةِ وَعِنْدَ الْأَكْثَرِينَ إلَى وُجُودِ الْمَانِعِ وَهَذَا نِزَاعٌ قَلِيلُ الْجَدْوَى احْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ بِوُجُوهٍ: الْأَوَّلُ الْقِيَاسُ عَلَى أَنَّ الْأَدِلَّةَ اللَّفْظِيَّةَ فَكَمَا أَنَّ التَّخْصِيصَ لَا يَقْدَحُ فِي كَوْنِ الْعَامِّ حُجَّةً كَذَلِكَ النَّقْضُ لَا يَقْدَحُ فِي كَوْنِ الْوَصْفِ عِلَّةً وَالْجَامِعُ كَوْنُهُمَا مِنْ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ أَوْ جَمْعُ الدَّلِيلَيْنِ الْمُتَعَارِضَيْنِ وَسِرُّهُ أَنَّ نِسْبَةَ الْعَامِّ إلَى أَفْرَادِهِ كَنِسْبَةِ الْعِلَّةِ إلَى مَوَارِدِهِ وَالنَّقْضُ لِمَانِعٍ مُعَارِضٍ لِلْعِلَّةِ يُشْبِهُ التَّخْصِيصَ بِمُخَصِّصٍ مَانِعٍ عَنْ ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي الْبَعْضِ. الثَّانِي أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ شَامِلَةٌ لِصُورَةِ الِاسْتِحْسَانِ، وَقَدْ انْعَدَمَ الْحُكْمُ فِيهَا لِمَانِعٍ هُوَ دَلِيلُ الِاسْتِحْسَانِ، وَلَا نَعْنِي بِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ إلَّا هَذَا الثَّالِثَ أَنَّ تَخَلُّفَ الْحُكْمِ عَنْ الْعِلَّةِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِفَسَادٍ فِي الْعِلَّةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِمَانِعٍ مِنْ ثُبُوتِ الْحُكْمِ وَالْمُعَلِّلِ قَدْ بَيَّنَ أَنَّهُ لِمَانِعٍ فَيَجِبُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّهُ بَيَانُ أَحَدِ الْمُحْتَمَلَيْنِ وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْعِلَلِ الْعَقْلِيَّةِ فَإِنَّ الْحُكْمَ قَدْ يَخْتَلِفُ عَنْهَا لِمَانِعٍ كَالْإِحْرَاقِ بِالنَّارِ عَنْ الْخَشَبِ الْمُلَطَّخِ بِالطَّلْقِ الْمَحْلُولِ.
(قَوْلُهُ: ذَكَرَ الْقَائِلُونَ بِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ) فِي هَذَا الْمَقَامِ أَقْسَامَ الْمَانِعِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ لَكِنَّهُمْ لَمَا أَخَذُوا فِي تَعْدَادِ الْمَوَانِعِ أَوْرَدُوا فِيهَا الْمَانِعَ مِنْ انْعِقَادِ الْعِلَّةِ وَمِنْ تَمَامِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ قَبِيلِ الْمَانِعِ الْمُعْتَبَرِ فِي تَخْصِيصِ الْعِلَّةِ وَهُوَ مَا يَمْنَعُ الْحُكْمَ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْعِلَّةِ وَالْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - غَيَّرَ عِبَارَتَهُمْ وَعَبَّرَ عَنْ مَوَانِعِ الْحُكْمِ بِمُوجِبَاتِ عَدَمِ الْحُكْمِ لِيَشْمَلَ الْمَانِعَ عَنْ الْحُكْمِ وَعَنْ الْعِلَّةِ انْعِقَادًا أَوْ تَمَامًا، وَالْعُمْدَةُ فِي أَقْسَامِ الْمَانِعِ هُوَ الِاسْتِقْرَاءُ وَالْمَذْكُورُ فِي التَّقْوِيمِ أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يَحْدُثُ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَجْزَاءِ فَهُوَ الْمَانِعُ مِنْ الِابْتِدَاءِ أَوْ الِانْعِقَادِ وَإِلَّا فَهُوَ الْمَانِعُ مِنْ التَّمَامِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْعِلَّةِ أَوْ الْحُكْمِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ قِسْمًا خَامِسًا نَظَرًا إلَى أَنَّ لِلْحُكْمِ ابْتِدَاءً وَتَمَامًا وَدَوَامًا، وَلَا عِبْرَةَ بِالدَّوَامِ فِي

الصفحة 175