كتاب شرح التلويح على التوضيح (اسم الجزء: 2)

مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُ الْحُكْمِ لِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى وُجُوبِ التَّعْدِيَةِ إذَا عُلِمَ وُجُودُ الْعِلَّةِ فِي الْفَرْعِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدِهِمْ بِعَدَمِ الْمَانِعِ مَعَ أَنَّ هَذَا التَّقْيِيدَ وَاجِبٌ فَعُلِمَ أَنَّ عَدَمَ الْمَانِعِ حَاصِلٌ عِنْدَ وُجُودِ الْعِلَّةِ فَهُوَ إمَّا رُكْنُهَا أَوْ شَرْطُهَا أَيْ عَدَمُ الْمَانِعِ إمَّا رُكْنُ الْعِلَّةِ أَوْ شَرْطُهَا
(فَإِذَا وُجِدَ الْمَانِعُ فَقَدْ عُدِمَ الْعِلَّةُ ثُمَّ عَدَمُهَا قَدْ يَكُونُ لِزِيَادَةِ وَصْفٍ كَمَا أَنَّ الْبَيْعَ الْمُطْلَقَ عِلَّةٌ لِلْمِلْكِ فَإِذَا زِيدَ الْخِيَارُ فَقَدْ عَدِمَتْ أَوْ لِنُقْصَانِهِ كَالْخَارِجِ النَّجِسِ مَعَ عَدَمِ الْحَرَجِ عِلَّةٌ لِلِانْتِقَاضِ، وَهَذَا مَعْدُومٌ فِي الْمَعْذُورِ وَمِنْهُ فَسَادُ الْوَضْعِ وَهُوَ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَى الْعِلَّةِ نَقِيضُ مَا تَقْتَضِيهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْقِيَاسَ بَلْ الْوَصْفُ فِيهِ لَيْسَ بِعِلَّةٍ عِنْدَ وُجُودِ الْمُعَارِضِ الْأَقْوَى لِمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْقِيَاسِ أَنْ لَا يُعَارِضَهُ دَلِيلٌ أَقْوَى مِنْهُ فَانْتِفَاءُ الْحُكْمِ فِي صُورَةِ الْقِيَاسِ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ الْعِلَّةِ لَا عَلَى تَحَقُّقِ الْمَانِعِ مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ وَثَانِيهِمَا أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْقِيَاسِ مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُ الْحُكْمِ بِدَلِيلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى وُجُوبِ تَعْدِيَةِ الْحُكْمِ إلَى كُلِّ صُورَةٍ تُوجَدُ فِيهَا الْعِلَّةُ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِعَدَمِ الْمَانِعِ فَكُلُّ مَا لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُ الْحُكْمِ بَلْ يَتَخَلَّفُ عَنْهُ وَلَوْ لِمَانِعٍ يَكُونُ عِلَّةً، وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْوَجْهُ صَالِحًا؛ لَأَنْ يُجْعَلَ دَلِيلًا مُسْتَقِلًّا عَلَى بُطْلَانِ تَخْصِيصِ الْعِلَّةِ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ مَعَ أَنَّ هَذَا التَّقْيِيدَ وَاجِبٌ إلَى آخِرِهِ وَتَقْرِيرُهُ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ التَّعْدِيَةِ عِنْدَ الْعِلْمِ بِوُجُودِ الْعِلَّةِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ مِنْهُمْ لِلتَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الْمَانِعِ مَعَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ قَطْعًا أَنْ لَا تَعْدِيَةَ عِنْدَ وُجُودِ الْمَانِعِ فَعُلِمَ مِنْ تَرْكِهِمْ التَّقْيِيدَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلَّةِ مَا يَسْتَجْمِعُ جَمِيعَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ التَّعْدِيَةُ أَنَّهُ عَدَمُ مَانِعٍ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّهُ شَطْرٌ لِلْعِلَّةِ أَوْ شَرْطٌ لَهَا فَعِنْدَ وُجُودِ الْمَانِعِ تَكُونُ الْعِلَّةُ مَعْدُومَةً لِانْعِدَامِ رُكْنِهَا أَوْ شَرْطِهَا وَهَاهُنَا نَظَرٌ وَهُوَ أَنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ تَكْفِي فِي الْعِلِّيَّةِ سَوَاءٌ اسْتَلْزَمَتْ الْحُكْمَ أَمْ لَا، وَلَا نُسَلِّمُ الْإِجْمَاعَ عَلَى وُجُوبِ التَّعْدِيَةِ مُطْلَقًا بَلْ بِشَرَائِطَ وَقُيُودٍ كَثِيرَةٍ، وَمِنْهَا عَدَمُ الْمَانِعِ وَأَيْضًا كَثِيرًا مَا يَقَعُ الْإِطْلَاقُ اعْتِمَادًا عَلَى الْعِلْمِ بِالتَّقْيِيدِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ الْعَمَلُ بِالْعُمُومِ وَاجِبٌ وَالْمُرَادُ عِنْدَ عَدَمِ الْمُخَصَّصِ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ عَدَمُهَا) أَيْ عَدَمُ الْعِلَّةِ قَدْ يَكُونُ لِزِيَادَةِ وَصْفٍ عَلَى مَا جُعِلَ عِلَّةً بِأَنْ تَكُونَ عَلِيَّتُهُ مَشْرُوطَةً بِعَدَمِ ذَلِكَ الْوَصْفِ فَيَنْتَفِي بِوُجُودِهِ كَالْبَيْعِ الْمُطْلَقِ أَيْ غَيْرِ الْمُقَيَّدِ بِشَرْطِ عِلَّةٍ لِلْمِلْكِ فَإِذَا زِيدَ عَلَيْهِ الْخِيَارُ لَمْ يَبْقَ مُطْلَقًا فَلَمْ يَكُنْ عِلَّةً وَالْمُرَادُ بِالْمُطْلَقِ هَاهُنَا مَا يُقَابِلُ الْمُقَيَّدَ بِالشَّرْطِ وَنَحْوِهِ لَا الْمَشْرُوطِ بِالْإِطْلَاقِ فَإِنَّهُ لَا وُجُودَ لَهُ أَصْلًا، وَلَا الْمَعْنَى الْكُلِّيُّ الَّذِي لَا يُوجَدُ إلَّا فِي ضِمْنِ الْجُزْئِيَّاتِ فَإِنَّهُ صَادِقٌ عَلَى الْبَيْعِ بِالْخِيَارِ، وَقَدْ يَكُونُ بِنُقْصَانِ وَصْفٍ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ أَرْكَانِ الْعِلَّةِ أَوْ شَرَائِطِهَا فَيَنْتَفِي الْكُلُّ بِانْتِفَاءِ جُزْئِهِ أَوْ شَرْطِهِ كَالْخَارِجِ النَّجَسِ فَإِنَّهُ مَعَ عَدَمِ الْحَرَجِ عِلَّةٌ لِانْتِقَاضِ الْوُضُوءِ فَعِنْدَ وُجُودِ الْحَرَجِ لَا يَكُونُ عِلَّةً كَمَا فِي الْمُسْتَحَاضَةِ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْهُ)

الصفحة 177