كتاب شرح التلويح على التوضيح (اسم الجزء: 2)

الصَّلَاةِ بِالْإِطَالَةِ لَكِنَّ الْغُسْلَ لَمَّا اسْتَوْعَبَ الْمَحَلَّ لَا يُمْكِنُ التَّكْمِيلُ إلَّا بِالتَّكْرَارِ وَهُنَا الْمَحَلُّ مُتَّسَعٌ) أَيْ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ الْمَحَلُّ وَهُوَ الرَّأْسُ مُتَّسَعٌ يُمْكِنُ الْإِكْمَالُ بِدُونِ التَّكْرَارِ (عَلَى أَنَّ التَّكْرَارَ رُبَّمَا يَصِيرُ غُسْلًا فَيَلْزَمُ تَغْيِيرُ الْمَشْرُوعِ فَالِاعْتِرَاضُ عَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ قَوْلٌ بِمُوجِبِ الْعِلَّةِ وَعَلَى تَقْدِيرِ التَّغْيِيرِ مُمَانَعَةٌ) فَالْحَاصِلُ أَنْ نَقُولَ إنْ أَرَدْتُمْ بِالتَّثْلِيثِ جَعْلَهُ ثَلَاثَةَ أَمْثَالِ الْفَرْضِ فَنَحْنُ قَائِلُونَ بِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيعَابَ تَثْلِيثٌ وَزِيَادَةٌ، وَإِنْ أَرَدْتُمْ بِالتَّثْلِيثِ التَّكْرَارَ ثَلَاثَةَ مَرَّاتٍ نَمْنَعُ هَذَا فِي الْأَصْلِ أَيْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الرُّكْنِيَّةَ تُوجِبُ هَذَا بَلْ الرُّكْنِيَّةُ تُوجِبُ الْإِكْمَالَ كَمَا فِي أَرْكَانِ الصَّلَاةِ فَالِاعْتِرَاضُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يُرَادَ بِالتَّثْلِيثِ جَعْلُهُ ثَلَاثَ أَمْثَالِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُتَنَازَعِ فِيهِ وَيَقَعُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ أَنْ يَلْزَمَ الْمُعَلِّلُ بِتَعْلِيلِهِ مَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مَحَلُّ النِّزَاعِ أَوْ مُلَازِمُهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَحَلَّ النِّزَاعِ، وَلَا مُلَازِمَهُ إمَّا بِصَرِيحِ عِبَارَةِ الْمُعَلِّلِ كَمَا إذَا قَالَ الْقَتْلُ بِالْمُثْقَلِ قَتْلٌ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَلَا يُنَافِي الْقِصَاصَ كَالْقَتْلِ بِالْحَرْقِ فَيُجَابُ بِأَنَّ النِّزَاعَ لَيْسَ فِي عَدَمِ الْمُنَافَاةِ بَلْ فِي إيجَابِ الْقِصَاصِ وَإِمَّا بِحَمْلِ الْمُعْتَرِضِ عِبَارَتَهُ عَلَى مَا لَيْسَ بِمُرَادِهِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ تَثْلِيثِ الْمَسْحِ وَتَعْيِينِ النِّيَّةِ فَإِنَّ الْمُعَلِّلَ يُرِيدُ بِالتَّثْلِيثِ إصَابَةَ الْمَاءِ مَحَلَّ الْفَرْضِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَبِالتَّعْيِينِ تَعْيِينًا قَصْدِيًّا مِنْ جِهَةِ الصَّائِمِ، وَالسَّائِلُ يَحْمِلُ التَّثْلِيثَ عَلَى جَعْلِهِ ثَلَاثَةَ أَمْثَالِ الْفَرْضِ وَالتَّعْيِينُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِقَصْدِ الصَّائِمِ أَوْ مُعَيَّنًا بِتَعْيِينِ الشَّارِعِ حَتَّى لَوْ صَرَّحَ الْمُعَلِّلُ بِمُرَادِهِ لَمْ يَكُنْ الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ بَلْ تَتَعَيَّنُ الْمُمَانَعَةُ وَالثَّانِي أَنْ يَلْزَمَ الْمُعَلِّلُ بِتَعْلِيلِهِ إبْطَالَ مَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مَأْخَذُ الْخَصْمِ كَمَا إذَا قَالَ فِي السَّرِقَةِ: أَخْذُ مَالِ الْغَيْرِ بِلَا اعْتِقَادِ إبَاحَةٍ وَتَأْوِيلٍ فَيُوجِبُ الضَّمَانَ كَالْغَصْبِ فَيُقَالُ نَعَمْ إلَّا أَنَّ اسْتِيفَاءَ الْحَدِّ بِمَنْزِلَةِ الْإِبْرَاءِ فِي إسْقَاطِ الضَّمَانِ. وَالثَّالِثُ أَنْ يَسْكُتَ الْمُعَلِّلُ عَنْ بَعْضِ الْمُقَدِّمَاتِ لِشُهْرَتِهِ فَالسَّائِلُ يُسَلِّمُ الْمُقَدِّمَةَ الْمَذْكُورَةَ وَيَبْقَى النِّزَاعُ فِي الْمَطْلُوبِ لِلنِّزَاعِ فِي الْمُقَدِّمَةِ الْمَطْوِيَّةِ وَرُبَّمَا يَحْمِلُ الْمُقَدِّمَةَ الْمَطْوِيَّةَ عَلَى مَا يُنْتِجُ مَعَ الْمُقَدِّمَةِ الْمَذْكُورَةِ نَقِيضَ حُكْمَ الْمُعَلِّلِ فَيَصِيرُ قَلْبًا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ غَسْلِ الْمِرْفَقِ فَإِنَّ الْمُعَلِّلَ يُرِيدُ أَنَّ الْغَايَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْآيَةِ غَايَةٌ لِلْغَسْلِ وَالْغَايَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْمُغَيَّا فَلَا تَدْخُلُ الْمَرْفِقُ فِي الْغُسْلِ وَالسَّائِلُ يُرِيدُ أَنَّهَا غَايَةٌ لِلْإِسْقَاطِ فَلَا تَدْخُلُ فِي الْإِسْقَاطِ فَتَبْقَى دَاخِلَةً فِي الْغُسْلِ فَلَوْ صَرَّحَ بِالْمُقَدِّمَةِ الْمَطْوِيَّةِ لَتَعَيَّنَ مَنْعُهَا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْمِثَالَ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْقِيَاسِ فَضْلًا عَنْ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ طَرْدِيَّةً وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَنْ أَنَّ الِاعْتِرَاضَاتِ لَا تَخُصُّ الْقِيَاسَ بَلْ تَعُمُّ الْأَدِلَّةَ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يَكُونُ هَذَا الْمِثَالُ مِنْ الْقَوْلِ بِالْمُوجِبِ وَالْمُعَلِّلُ إنَّمَا يَلْزَمُ عَدَمُ دُخُولِ الْمِرْفَقِ تَحْتَ الْغَسْلِ وَالسَّائِلُ لَا يَلْتَزِمُ ذَلِكَ؟ قُلْتُ: الْمُعْتَبَرُ فِي الْقَوْلِ بِالْمُوجِبِ الْتِزَامُ مَا يَلْزَمُهُ الْمُعَلِّلُ بِتَعْلِيلِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُعَلِّلٌ، وَهُوَ هَاهُنَا لَا يَلْزَمُ إلَّا عَدَمُ دُخُولِ الْمِرْفَقِ تَحْتَ مَا هُوَ غَايَةٌ لَهُ، وَقَدْ الْتَزَمَهُ السَّائِلُ فَظَهَرَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُصَنِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أَوْرَدَ مَكَانَ مَسْأَلَةِ تَعْيِينِ النِّيَّةِ مَسْأَلَةَ ضَمَانِ السَّرِقَةِ أَوْ نَحْوِهَا لِيَكُونَ تَنْبِيهًا عَلَى الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ لَكَانَ أَنْسَبَ.
(قَوْلُهُ فَالِاسْتِيعَابُ تَثْلِيثٌ وَزِيَادَةٌ)

الصفحة 190