كتاب شرح التلويح على التوضيح (اسم الجزء: 2)

الْفَرْضِ يَكُونُ قَوْلًا بِمُوجِبِ الْعِلَّةِ وَعَلَى تَقْدِيرِ التَّغْيِيرِ وَهُوَ أَنْ يُرَادَ بِالتَّثْلِيثِ التَّكْرَارُ فَالِاعْتِرَاضُ مُمَانَعَةٌ
(وَكَقَوْلِهِ: صَوْمُ رَمَضَانَ صَوْمُ فَرْضٍ فَلَا يَتَأَدَّى إلَّا بِتَعْيِينِ النِّيَّةِ فَنُسَلِّمُ مُوجِبَهُ لَكِنَّ الْإِطْلَاقَ تَعْيِينٌ وَكَقَوْلِهِ: الْمِرْفَقُ لَا يَدْخُلُ فِي الْغَسْلِ؛ لِأَنَّ الْغَايَةَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْمُغَيَّا قُلْنَا نَعَمْ لَكِنَّهَا غَايَةٌ لِلْإِسْقَاطِ فَلَا تَدْخُلُ تَحْتَهُ، الثَّانِي الْمُمَانَعَةُ وَهِيَ إمَّا فِي الْوَصْفِ) أَيْ تَمْنَعُ وُجُودَ الْوَصْفِ الَّذِي يَدَّعِي الْمُعَلِّلُ عِلِّيَّتَهُ فِي الْفَرْعِ
(كَقَوْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ: عُقُوبَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْجِمَاعِ فَلَا تَجِبُ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ كَحَدِّ الزِّنَا فَلَا نُسَلِّمُ تَعَلُّقَهَا بِالْجِمَاعِ بَلْ هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْفِطْرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّ التَّثْلِيثَ ضَمُّ الْمِثْلَيْنِ وَفِي الِاسْتِيعَابِ ضَمُّ ثَلَاثَةِ الْأَمْثَالِ إنْ قَدَّرَ مَحَلَّ الْفَرْضِ بِالرُّبْعِ أَوْ أَكْثَرَ إنْ قَدَّرَ بِأَقَلَّ مِنْ الرُّبْعِ وَاتِّحَادُ الْمَحَلِّ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ التَّثْلِيثِ بَلْ مِنْ ضَرُورَةِ التَّكْرَارِ وَالنَّصُّ الْوَارِدُ فِي الرُّكْنِ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى سُنِّيَّةِ الْإِكْمَالِ دُونَ التَّكْرَارِ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِالْإِطَالَةِ كَمَا فِي الْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بِخِلَافِ الْغَسْلِ فَإِنَّ تَكْمِيلَهُ بِالْإِطَالَةِ يَقَعُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّكْرَارِ، وَأَمَّا الْمَسْحُ فَمَحَلُّهُ الرَّأْسُ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ مَوْضِعٍ دُونَ مَوْضِعٍ وَهُوَ مُتَّسَعٌ يَزِيدُ عَلَى مِقْدَارِ الْفَرْضِ فَيُمْكِنُ تَكْمِيلُهُ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ بِالْإِطَالَةِ وَالِاسْتِيعَابِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ التَّكْرَارَ بِمَا يَصِيرُ غُسْلًا) زِيَادَةُ تَوْضِيحٍ وَتَحْقِيقٍ لِكَوْنِ الْمَسْنُونِ هُوَ التَّكْمِيلَ بِالْإِطَالَةِ دُونَ التَّكْرَارِ وَلَيْسَ بِاعْتِرَاضٍ آخَرَ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ.
(قَوْلُهُ: الثَّانِي الْمُمَانَعَةُ) وَهِيَ مَنْعُ ثُبُوتِ الْوَصْفِ فِي الْأَصْلِ أَوْ الْفَرْعِ أَوْ مَنْعُ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ أَوْ الْفَرْعِ أَوْ مَنْعُ صَلَاحِيَّةِ الْوَصْفِ لِلْحُكْمِ أَوْ مَنْعُ نِسْبَةِ الْحُكْمِ إلَى الْوَصْفِ فَإِنْ قِيلَ التَّعْلِيلُ إنَّمَا هُوَ لِإِثْبَاتِ الْحُكْمِ فِي الْفَرْعِ فَمَنْعُ الْحُكْمِ فِي الْفَرْعِ يَكُونُ مَنْعًا لِلْمَدْلُولِ مِنْ غَيْرِ قَدْحٍ فِي الدَّلِيلِ فَلَا يَكُونُ مُوَجَّهًا قُلْنَا الْمُرَادُ مَنْعُ إمْكَانِ ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي الْفَرْعِ فَيَكُونُ مَنْعًا لِتَحَقُّقِ شَرَائِطِ الْقِيَاسِ إذْ مِنْ شَرْطِ الْقِيَاسِ إمْكَانُ ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي الْفَرْعِ أَمَّا مَنْعُ ثُبُوتِ الْوَصْفِ فِي الْأَصْلِ فَكَمَا يُقَالُ مَسْحُ الرَّأْسِ طَهَارَةُ مَسْحٍ فَيُسَنُّ تَثْلِيثُهُ كَالِاسْتِنْجَاءِ فَيُعْتَرَضُ بِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ لَيْسَ طَهَارَةَ مَسْحٍ بَلْ طَهَارَةٌ عَنْ النَّجَاسَةِ الْحَقِيقِيَّةِ، وَأَمَّا فِي الْفَرْعِ فَكَمَا يُقَالُ كَفَّارَةُ الْإِفْطَارِ عُقُوبَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْجِمَاعِ فَلَا تَجِبُ بِالْأَكْلِ كَحَدِّ الزِّنَا فَيُقَالُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا عُقُوبَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْجِمَاعِ بَلْ بِنَفْسِ الْإِفْطَارِ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ جِنَايَةً مُتَكَامِلَةً فَالْأَصْلُ حَدُّ الزِّنَا، وَالْفَرْعُ كَفَّارَةُ الصَّوْمِ، وَالْحُكْمُ عَدَمُ الْوُجُوبِ بِالْأَكْلِ، وَالْوَصْفُ الْعُقُوبَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْجِمَاعِ، وَقَدْ مَنَعَ السَّائِلُ صَدَقَةً عَلَى كَفَّارَةِ الصَّوْمِ فَظَهَرَ فَسَادُ مَا يُقَالُ إنَّ هَذَا مَنْعٌ لِنِسْبَةِ الْحُكْمِ إلَى الْوَصْفِ بِمَعْنَى أَنَّ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْجِمَاعِ بَلْ بِالْإِفْطَارِ وَكَمَا يُقَالُ بَيْعُ التُّفَّاحَةِ بِالتُّفَّاحَتَيْنِ بَيْعُ مَطْعُومٍ بِمَطْعُومٍ مُجَازَفَةً فَيَحْرُمُ كَبَيْعِ الصُّبْرَةِ بِالصُّبَرِ مُجَازَفَةً فَيُقَالُ إنْ أَرَدْتُمْ الْمُجَازَفَةَ مُطْلَقًا أَوْ فِي الصِّفَةِ أَوْ فِي

الصفحة 191