كتاب شرح التلويح على التوضيح (اسم الجزء: 2)

ابْنُ الْعَمِّ لِعَدَمِ الْقَرَابَةِ الْمَحْرَمِيَّةِ
(وَكَقَوْلِهِ: لَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ كَالْحَدِّ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْحَدِّ عَدَمُ الْمَالِيَّةِ وَكَذَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يُسْتَدَلُّ بِالْعَدَمِ عَلَى الْعَدَمِ) فَإِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَقُولَ عَدَمُ تِلْكَ الْعِلَّةِ لَا يُوجِبُ عَدَمَ الْحُكْمِ فَإِنَّ الْحُكْمَ يُمْكِنُ أَنْ يَثْبُتَ بِعِلَّةٍ أُخْرَى
(الثَّالِثُ فَسَادُ الْوَضْعِ وَقَدْ مَرَّ تَفْسِيرُهُ وَهُوَ فَوْقَ الْمُنَاقَضَةِ إذْ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا بِتَغْيِيرِ الْكَلَامِ أَمَّا هُوَ فَيُبْطِلُ الْعِلَّةَ أَصْلًا) فَإِنَّ الْمُعَلِّلَ إذَا تَمَسَّكَ بِالْعِلَّةِ الطَّرْدِيَّةِ وَيَرِدُ عَلَيْهَا مُنَاقَضَةٌ فَرُبَّمَا يُغَيِّرُ الْكَلَامَ وَيَجْعَلُ عِلَّتَهُ مُؤْثِرَةً فَحِينَئِذٍ تَنْدَفِعُ الْمُنَاقَضَةُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمُنَاقَضَةِ فِي قَوْلِهِ: الْوُضُوءُ وَالتَّيَمُّمُ طَهَارَتَانِ أَمَّا فَسَادُ الْوَضْعِ فَإِنَّهُ يُبْطِلُ الْعِلَّةَ بِكُلِّيَّتِهَا إذْ لَا يَنْدَفِعُ بِتَغْيِيرِ الْكَلَامِ
(كَتَعْلِيلِهِ لِإِيجَابِ الْفُرْقَةِ بِإِسْلَامِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ) أَيْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الذِّمِّيَّيْنِ إذَا أَسْلَمَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَانَتْ فِي الْحَالِ وَبَعْدَ الدُّخُولِ بَانَتْ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ فَقَدْ جَعَلَ الْإِسْلَامَ عِلَّةً لِإِيجَابِ الْفُرْقَةِ وَعِنْدَنَا يُعْرَضُ الْإِسْلَامُ عَلَى الْآخَرِ فَإِنْ أَسْلَمَ فَهِيَ لَهُ وَإِنْ أَبَى يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فِي الْحَالِ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ أَوْ قَبْلَهُ
(وَلِإِبْقَاءِ النِّكَاحِ مَعَ ارْتِدَادِ أَحَدِهِمَا) أَيْ إذَا ارْتَدَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ بَانَتْ فِي الْحَالِ وَبَعْدَ الدُّخُولِ بَانَتْ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَجْعَلُ الرِّدَّةَ عِلَّةً لِبَقَاءِ النِّكَاحِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجْعَلُهَا قَاطِعَةً لِلنِّكَاحِ وَعِنْدَنَا تَبِينُ فِي الْحَالِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ التَّوْسِعَةِ وَالتَّيْسِيرِ.
(قَوْلُهُ الْوُضُوءُ وَالتَّيَمُّمُ طَهَارَتَانِ) نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ أَنَّ الْوُضُوءَ وَالتَّيَمُّمَ طَهَارَتَا صَلَاةٍ فَكَيْفَ افْتَرَقَتَا وَلَمَّا كَانَ وَاضِحًا بَيَّنَّا أَنَّ مُرَادَهُ بِإِنْكَارِ الِافْتِرَاقِ وُجُوبُ اسْتِوَائِهِمَا فِي اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَنُوقِضَ بِتَطْهِيرِ الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ عَنْ النَّجَاسَةِ الْحَقِيقِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ النِّيَّةُ فَلَا بُدَّ فِي التَّقَصِّي عَنْ الْمُنَاقَضَةِ بِأَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِهِمَا تَطْهِيرٌ حُكْمِيٌّ أَيْ تَعَبُّدِيٌّ غَيْرُ مَعْقُولِ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ مَعْنَى التَّطْهِيرِ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ وَلَيْسَ عَلَى أَعْضَاءِ الْمُتَوَضِّئِ نَجَاسَةٌ تُزَالُ وَلِهَذَا لَا يَتَنَجَّسُ الْمَاءُ بِمُلَاقَاتِهِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَمْرٌ مُقَدَّرٌ اعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ مَانِعًا لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ عِنْدَ عَدَمِ الْعُذْرِ وَحَكَمَ بِأَنَّ الْوُضُوءَ يَرْفَعُهُ فَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ تَحْقِيقًا لِمَعْنَى التَّعَبُّدِ بِخِلَافِ تَطْهِيرِ الْخَبَثِ فَإِنَّهُ حَقِيقِيٌّ لِمَا فِيهِ مِنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِالْمَاءِ سَوَاءٌ نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ فَيَقُولُ الْمُعْتَرِضُ: إنْ أَرَدْتُمْ أَنَّ نَفْسَ التَّطْهِيرِ أَيْ رَفْعَ الْحَدَثِ وَإِزَالَتَهُ بِالْمَاءِ حُكْمِيٌّ غَيْرُ مَعْقُولٍ فَمَمْنُوعٌ كَيْفَ وَالْمَاءُ مُطَهِّرٌ بِطَبْعِهِ كَمَا أَنَّهُ مُرْوٍ، وَقَدْ خَلَقَهُ اللَّهُ آلَةً لِلطَّهَارَةِ فِي أَصْلِهِ فَيَحْصُلُ بِهِ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ حَقِيقِيَّةً كَانَتْ أَوْ حُكْمِيَّةً نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ بِخِلَافِ التُّرَابِ فَإِنَّهُ فِي نَفْسِهِ مُلَوَّثٌ لَا يَصِيرُ مُطَهِّرًا إلَّا بِالْقَصْدِ وَالنِّيَّةِ وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنَّ الْوُضُوءَ تَطْهِيرٌ حُكْمِيٌّ بِمَعْنَى أَنَّهُ إزَالَةُ نَجَاسَةٍ حُكْمِيَّةٍ حَكَمَ بِهَا الشَّارِعُ فِي حَقِّ جَوَازِ

الصفحة 194