كتاب شرح التلويح على التوضيح (اسم الجزء: 2)

أَوْ لِإِثْبَاتِ حُكْمٍ آخَرَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ أَوْ يَنْتَقِلُ إلَى حُكْمٍ كَذَلِكَ) أَيْ حُكْمٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ وَالِانْتِقَالُ مُنْحَصِرٌ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا فِي الْعِلَّةِ فَقَطْ وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ لِإِثْبَاتِ عِلَّتِهِ وَهُوَ الْأَوَّلُ أَوْ لِإِثْبَاتِ حُكْمِهِ وَهُوَ الثَّانِي حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ لِشَيْءٍ مِنْهُمَا كَانَ كَلَامًا حَشْوًا وَأَمَّا فِي الْحُكْمِ فَقَطْ وَهُوَ الرَّابِعُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ حُكْمًا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ وَإِلَّا لَكَانَ كَلَامًا حَشْوًا وَأَمَّا فِيهِمَا وَهُوَ الثَّالِثُ
(فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ بِالْعِلَّةِ الْأُولَى فَالْأَوَّلُ صَحِيحٌ) كَمَا إذَا قَالَ الصَّبِيُّ الْمُودَعُ إذَا اسْتَهْلَكَ الْوَدِيعَةَ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مُسَلَّطٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ بِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ بِطَرِيقِ التَّعْدِيَةِ مِنْ السَّبِيلَيْنِ فَأَجَابَ بِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَعْقُولٍ إلَّا أَنَّ تَعْدِيَتَهُ إنَّمَا تَثْبُتُ فِي ضِمْنِ تَعْدِيَةِ حُكْمٍ مَعْقُولٍ هُوَ ثُبُوتُ الْحَدَثِ بِخُرُوجِ النَّجَسِ وَهُوَ جَائِزٌ كَاسْتِوَاءِ الْجَيِّدِ مَعَ الرَّدِيءِ فِي بَابِ الرِّبَا يَتَعَدَّى فِي ضِمْنِ الْحُكْمِ الْمَعْقُولِ الَّذِي هُوَ حُرْمَةُ الْبَيْعِ عِنْدَ التَّفَاضُلِ وَإِبَاحَتُهَا عِنْدَ التَّسَاوِي. وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ أَنَّ مِنْ شَرْطِ الْقِيَاسِ تَمَاثُلَ الْحُكْمَيْنِ، وَقَدْ ثَبَتَ بِخُرُوجِ النَّجَسِ مِنْ السَّبِيلَيْنِ حَدَثٌ يَرْتَفِعْ بِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ فَيَجِبُ أَنْ يَثْبُتَ بِالْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ حُكِمَ كَذَلِكَ تَحْقِيقًا لِلْمُمَاثَلَةِ وَيَرِدُ كَلَا الْإِشْكَالَيْنِ عَلَى الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَيْثُ ذَهَبَ إلَى أَنَّ تَغْيِيرَ مَحَلِّ الْغَسْلِ مِنْ الطَّهَارَةِ إلَى النَّجَاسَةِ غَيْرُ مَعْقُولٍ وَأَنَّ تَطْهِيرَهَا بِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ مَعْقُولٌ لَا يُقَالُ الْمُرَادُ بِعَدَمِ الْمَعْقُولِيَّةِ أَنَّ الْعَقْلَ لَا يَسْتَقِلُّ بِدَرْكِهِ وَهَذَا لَا يُنَافِي جَوَازَ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ حِينَئِذٍ لَا يَنْطَبِقُ الْجَوَابُ عَلَى دَلِيلِ الْخَصْمِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الِاحْتِيَاجِ إلَى النِّيَّةِ أَوْ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا هُوَ كَوْنُ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِالنَّصِّ تَعَبُّدِيًّا أَوْ مَعْقُولًا بِمَعْنَى أَلَّا يُدْرِكَ الْعَقْلُ مَعْنَاهُ أَيْ عِلَّتَهُ أَوْ يُدْرِكَ لَا بِمَعْنَى أَنْ لَا يَسْتَقِلَّ الْعَقْلُ بِإِدْرَاكِ الْحُكْمِ أَوْ يَسْتَقِلَّ وَأَيْضًا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لَكِنَّ تَطْهِيرَهَا بِالْمَاءِ مَعْقُولٌ أَنَّ الْحُكْمَ بِتَطْهِيرِ الْحَدَثِ بِالْمَاءِ مِمَّا يَسْتَقِلُّ الْعَقْلُ بِإِدْرَاكِهِ، وَلَا خَفَاءَ فِي فَسَادِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَفِي هَذَا الْفَصْلِ) أَيْ فِي فَصْلِ دَفْعِ الْعِلَلِ الطَّرْدِيَّةِ فُرُوعٌ أُخَرُ مَذْكُورَةٌ فِي أُصُولِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَخَافَةَ التَّطْوِيلِ أَيْ الزِّيَادَةَ عَلَى الْمَقْصُودِ لَا لِفَائِدَةٍ فَإِنَّ مَقْصُودَ الْأُصُولِ لَيْسَ مَعْرِفَةَ فُرُوعِ الْأَحْكَامِ وَيَكْفِي فِي تَوْضِيحِ الْمَطْلُوبِ إيرَادُ مِثَالٍ أَوْ مِثَالَيْنِ.

[فَصْلٌ فِي الِانْتِقَالِ مِنْ كَلَامٍ إلَى آخَرَ]
(قَوْلُهُ: فَصْلٌ فِي الِانْتِقَالِ) أَيْ فِي انْتِقَالِ الْقَائِسِ فِي قِيَاسِهِ مِنْ كَلَامٍ إلَى كَلَامٍ آخَرَ وَالْكَلَامُ الْمُنْتَقَلُ إلَيْهِ إنْ كَانَ غَيْرَ عِلَّةٍ أَوْ حُكْمٍ فَهُوَ حَشْوٌ فِي الْقِيَاسِ خَارِجٌ عَنْ الْمَبْحَثِ وَإِلَّا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْعِلَّةِ فَقَطْ أَوْ الْحُكْمِ فَقَطْ أَوْ الْعِلَّةِ وَالْحُكْمِ جَمِيعًا، وَالِانْتِقَالُ فِي الْعِلَّةِ فَقَطْ إمَّا أَنْ يَكُونَ لِإِثْبَاتِ عِلَّةِ الْقِيَاسِ أَوْ لِإِثْبَاتِ حُكْمِهِ إذْ لَوْ كَانَ لِإِثْبَاتِ حُكْمٍ آخَرَ لَكَانَ انْتِقَالًا فِي الْعِلَّةِ وَالْحُكْمِ جَمِيعًا وَالِانْتِقَالُ فِي الْحُكْمِ

الصفحة 200