كتاب شرح التلويح على التوضيح (اسم الجزء: 2)

سَاكِتٌ حَتَّى سَأَلَهُ فَقَالَ أَرَى أَنْ يُقْسَمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَوَى فِي ذَلِكَ حَدِيثًا فَعَمِلَ عُمَرُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَجْعَلْ سُكُوتَهُ دَلِيلَ الْمُوَافَقَةِ حَتَّى شَافَهَهُ وَجَوَّزَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - السُّكُوتَ مَعَ أَنَّ الْحَقَّ عِنْدَهُ خِلَافُهُمْ.
(وَشَاوَرَهُمْ فِي إسْقَاطِ الْجَنِينِ فَأَشَارُوا بِأَنْ لَا غُرْمَ عَلَيْكَ وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَاكِتٌ فَلَمَّا سَأَلَهُ قَالَ أَرَى عَلَيْكَ الْغُرْمَ فَلَمْ يَكُنْ سُكُوتُهُ تَسْلِيمًا) رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ضَرَبَ امْرَأَةً لِجِنَايَةٍ فَأَسْقَطَتْ الْجَنِينَ فَشَاوَرَ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - قَالُوا لَا غُرْمَ عَلَيْكَ فَإِنَّكَ مُؤَدِّبٌ وَمَا أَرَدْت إلَّا الْخَيْرَ وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَاكِتٌ فَلَمَّا سَأَلَهُ قَالَ أَرَى عَلَيْكَ الْغُرْمَ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِلْمَهَابَةِ كَمَا قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَا مَنَعَك أَنْ تُخْبِرَ عُمَرَ بِقَوْلِك فِي الْعَوْلِ فَقَالَ رَدَّتُهُ، وَذَكَرَ الْإِمَامُ سِرَاجُ الْمِلَّةِ وَالدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِهِ لِلْفَرَائِضِ أَنَّ الْعَوْلَ ثَابِتٌ عَلَى قَوْلِ عَامَّةِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - بَاطِلٌ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَهُوَ يُدْخِلُ النَّقْصَ عَلَى الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الِابْنِ، وَالْأَخَوَاتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ مِثَالُهُ تَرَكَتْ زَوْجًا وَأُمًّا وَأُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ فَعِنْدَ الْعَامَّةِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ إلَى الثَّمَانِيَةِ وَعِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ اثْنَانِ وَلِلْأُخْتِ الْبَاقِي، وَهَذِهِ أَوَّلُ حَادِثَةٍ وَقَعَتْ فِي نَوْبَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَأَشَارَ الْعَبَّاسُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
ـــــــــــــــــــــــــــــQأُمُورٍ فَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ صَحَّ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ فِي رُكْنِهِ.
(قَوْلُهُ ضَرَبَ امْرَأَةً لِجِنَايَةٍ) رُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا فَبَلَغَ عُمَرَ أَنَّهَا تُجَالِسُ الرِّجَالَ وَتُحَدِّثُهُمْ فَأَشْخَصَ إلَيْهَا لِيَمْنَعَهَا مِنْ ذَلِكَ فَأَمْلَصَتْ مِنْ هَيْبَتِهِ أَيْ: أَزْلَفَتْ الْجَنِينَ وَأَسْقَطَتْهُ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يَكُونُ) أَيْ: سُكُوتُ الْمُجْتَهِدِ لِلتَّأَمُّلِ وَغَيْرِهِ كَاعْتِقَادِ حَقِيقَةِ اجْتِهَادِ كُلِّ مُجْتَهِدٍ أَوْ كَوْنِ الْقَائِلِ أَكْبَرَ سِنًّا مِنْهُ أَوْ أَعْظَمَ قَدْرًا أَوْ أَوْفَرَ عِلْمًا أَوْ اسْتِقْرَارِ الْخِلَافِ حَتَّى لَوْ حَضَرَ مُجْتَهِدٌ وَالْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى لَوْ تَكَلَّمَ أَحَدُهُمْ بِمَا يُوَافِقُ مَذْهَبَهُ، وَسَكَتَ الْآخَرُونَ لَمْ يَكُنْ إجْمَاعًا وَلَا يَحْصُلُ سُكُوتُهُمْ عَلَى الرِّضَا لِتَقَرُّرِ الْخِلَافِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ اشْتِرَاطَ مُضِيِّ مُدَّةِ التَّأَمُّلِ إنَّمَا يَدْفَعُ احْتِمَالَ كَوْنِ السُّكُوتِ لِلتَّأَمُّلِ.
وَلَا يَدْفَعُ احْتِمَالَ كَوْنِهِ لِتَصْوِيبِ الْمُجْتَهِدِينَ أَوْ اسْتِقْرَارِ الْخِلَافِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ أَوْ عَلِمَ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْإِجْمَاعِ يُسَمَّى الْإِجْمَاعَ السُّكُوتِيَّ لَا يَكُونُ جَاحِدُهُ كَافِرًا، وَإِنْ كَانَ هُوَ مِنْ الْأَدِلَّةِ الْقَطْعِيَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْعَامِّ مِنْ النُّصُوصِ.

[مَسْأَلَةٌ إذَا اخْتَلَفَتْ الصَّحَابَةُ فِي قَوْلَيْنِ]
(قَوْلُهُ: بِالْعُيُوبِ الْخَمْسَةِ) هِيَ الْجُذَامُ، وَالْبَرَصُ، وَالْجُنُونُ فِي أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، وَالْجَبُّ، وَالْعُنَّةُ فِي الزَّوْجِ، وَالرَّتَقُ، وَالْقَرَنُ فِي الزَّوْجَةِ.
(قَوْلُهُ: فَشُمُولُ الْعَدَمِ) هُوَ فِي حُكْمِ الْغَسْلِ أَنْ لَا يَجِبَ غَسْلُ الْمَخْرَجِ وَلَا غَسْلُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَشُمُولُ الْوُجُودِ أَنْ يَجِبَ غَسْلُهُمَا جَمِيعًا، وَفِي حُكْمِ النَّقْضِ شُمُولُ الْوُجُودِ أَنْ تُنْتَقَضَ الطَّهَارَةُ بِكُلٍّ مِنْ خُرُوجِ الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ وَبِمَسِّ الْمَرْأَةِ، وَشُمُولُ الْعَدَمِ أَنْ لَا يُنْتَقَضَ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ

الصفحة 83