كتاب ديوان المعاني (اسم الجزء: 2)

وقول ابن المعتز يتضمن صفة الأنوار على التمام ولا يكاد يشذ منه شئ البتة وهو:
(والروضُ مغسولٌ بليلٍ ممطرِ ... جَلا لنا وجه الثرى عن منظر)
(كالعصبِ أو كالوشي أو كالجوهرِ ... من أبيضٍ وأحمرٍ وأصفرِ)
(وطارقٍ أجفانُه لم تنظر ... تخالهُ العين فماً لم يُغفر)
(وفاتقٍ كادَ ولم ينورَ ... كأنه مبتسمٌ لم يَكشر)
(وأدمعٍ الغُدْران لم تكدرِ ... كأنه دراهمٌ في مَنثر)
(أو كعشورِ المصحف المنشر ... والشمس في أصحاءِ جوٍّ أخضر)
(كدمعةٍ حائرةٍ في محجَرِ ... تُسقي عُقاراً كالسّراج الأزهر)
(مُدامةً تَعْقِر إن لم تُعقَر ... يديرها كفُ غزالٍ أحور)
(ذي طرةٍ قاطرةٍ بالعنبرِ ... ومَلَثم يكشفهُ عن جوهرِ)
(وكفلٍ يشغلُ فضلَ المِئزَر ... تخبرُ عيناهُ بفسقٍ مضمَرِ)
(يعلّم الفجور إن لمَ يفجر ... )
وقلت:
(فمن بين صُفرٍ وحمرٍ وخُضر ... على القضبِ غيدٍ وزور وصورِ)
(ولعسٍ تناسبُ لعسَ الشفاه ... وبيضٍ تعارضُ بِيض الثغورِ)
(نواظرَ من بينِ يقظى ووسنى ... ونُجل وحُزرٍ وحُولٍ وحُور)
وقد استوفى في هذه الأبيات جميع أوصاف الأنوار على اختلاف حالاتها. وأنشدنا أبو أحمد قال أنشدنا التنوخي لنفسه:
(أما ترى الروضَ قد وافاك مبتسماً ... ومدَ نحوَ النَدامى للسلام يدا)
(فأخضرٌ ناضرٌ في أبيض يَقق ... وأصفر فاقع في أحمر نُضدا)
(مثل الرقيبِ بدا للعاشقينَ ضحى ... فاحمرَّ ذا خجلا وأصفرَ ذا كمدا)
ومن المشهور قول الحماني:
(ديمٌ كأنَ رياضها ... يُكسين أعلامَ المطارف)

الصفحة 16