كتاب ديوان المعاني (اسم الجزء: 2)

(لدى نرجسٍ عضَ القطافِ كأنهُ ... إذا ما منحناهُ العيونَ عيونُ)
(مخالفة في شكلهنَ فصفرةٌ ... مكانَ سوادٍ والبياضُ جفون)
والناس يشبهونه بالعيون ولا يفضلون هذا التفضيل. ومما لم يقل مثله قول ابن الرومي:
(خجلتْ خُدودُ الوردِ من تفضيلهِ ... خجلاً تورُّدُها عليهِ شاهدٌ)
(لم يخجلِ الوردُ المورودُ لونهُ ... إلا وناهله الفضيلة عائدُ)
(للنرجسٍ الفضل المبينُ وإن أبى ... آبٍ وحاد عن الطريقة حائد)
(فصل القضية أن هذا قائدٌ ... زهرَ الربيع وأن هذا طاردُ)
(شتانَ بين إثنينِ هذا موعدٌ ... بتسلبِ الدنيا وهذا واعدُ)
(وإذا احتفظتَ به فأمتعُ صاحبٍ ... بحياتهِ لو أنَ حياً خالدُ)
(يحكي مصابيحَ السماءِ وتارةً ... يحكي مصايبحَ الوجوهِ تُراصد)
(ينهي النديمَ عن القبيح بلحظهِ ... وعلى المدامةِ والسماع يُساعد)
(إن كنتَ تطلبُ في الملاح سميهُ ... يوماً فإنك لا محالةَ واجد)
(هذي النجوم هي التي ربتهما ... يجلد السحابِ كما يُربّى الوالد)
(فانظر إلى الأخوينِ مَن أدناهما ... شبهاً بوالدهِ فذاك الماجدُ)
(أين العيونُ من الخدود نفاسةً ... ورياسةً لولا القياسُ الفاسد)
وقلت:
(نرجس مثل أكفّ خُردِ ... درن علينا بكؤوسِ الذهبِ)
(ناولنيه مثلهُ في حسنه ... فحلَ من قلبيَ عقدَ الكُرب)
(مبتسمٌ عنهُ وناظرٌ به ... هذا لعمري عجبٌ في عجبِ)
وقلت في معناه:
(ألم ترنا نعطي الغوايةَ حقها ... ونجري مع اللذاتِ جريَ السوابق)
(بمحمرةٍ الأجسادِ مبيضة الذُّرى ... كمثلِ سقيطِ الطلِّ فوقَ الشقائق)
(لدى الصفر في أوساطِ بيضٍ كأنها ... كؤوسُ عُقار في أكفِّ عواتق)
وقال ابن الرومي:

الصفحة 21