كتاب ديوان المعاني (اسم الجزء: 2)

بيمينك وأحضرها ذهنك وفرغ لها شغلك واجمع لها عقلك وغازلها ساعة وهازلها أخرى ولا تكن متهاوناً بقدرها غير عالم بفضلها فتتناولها بحركة باردة وطبيعة جامدة وقلب ساهٍ وعقل لاه وذهن غبي وشراهية نهم عساه أن يكلمها بأسنانه ولا يدري ما قدرها عند إخوانه ويقصر بمن حياه وينتقص من أهداه ولا تخدشها بيدك ولا تثلمها بظفرك ولا تبتذلها للغبار ولا تعرضها للدخان فإذا طال لبثها لديك وخفت أن يرميها الزمان بسهمه ويقصدها بريبه ويذهب بهجتها ويحول نضرتها فهنيئاً لك أكلها والسلام. وشبه بعضهم ورق الريحان بقافات وفاآت في شعر غير جيد فتركته ولم أذكره وقلت في الريحان:
(ثم انثنينا إلى خُضرٍ مُنعمةٍ ... كأنَ أوراقها آذانُ جُرذانِ)
(وقهوة كجنِيِّ الوردِ وشحهُ ... من لؤلؤِ القطرِ والأنداءِ سمطان)
وقال السري في دستنبوية:
(وأغنّ كالرشأ الغرير ... نشا خلالَ الربرب)
(في خدهِ وردٌ حماهُ ... من القطافِ بعقربِ)
(حيا بدستنبويةِ ... مثل السنان المذْهبِ)
وقال أيضاً فيها:
(صفراء ما عَنَت لعينيْ ناظرٍ ... إلا توهمها سناناً مُذهبا)
وقلت:
(وأتْرج يحفُ بها أقاحٍ ... كبدرِ الليلِ تكنفهُ النجومُ)
وقال السري في نارنجة:
(أهدت على نأي المحلَ وقد ... أنأى التصبرَ طُولُ هجرتها)
(نارنجةٌ منها استعيرَ لها ... ما ألبستْ من حسنِ بهجتها)
(وشعاعها من نور وجنتها ... ويسميها من عطرِ نكهتها)
(وكأنَ ما يخفيه باطنها ... ما أضمرت من سوءِ غُدرتها)

الصفحة 35