كتاب ديوان المعاني (اسم الجزء: 2)

(والكأس يحملها أغنُ يزينهُ ... وجناتُ وردٍ في عذارِ بنفسجِ)
ومن أجود ما قيل في النخل من قديم الشعر ما أنشدناه أبو أحمد عن الجلودي عن محمد بن العباس عن أبيه عن الأصمعي للنمر بن تولب:
(ضربنَ العرقَ في ينبوعِ عينٍ ... طلبنَ مَعينه حتى ارتوينا)
(بنات الدهرِ لا يخشينَ محلاً ... إذا لم تبقَ سائمةٌ بقينا)
(كأنَ فروعهنَ بكلِّ ريحٍ ... عذارَى بالذوائبِ ينتصينا)
وقد ملح النابغة في وقوله:
(صغارُ النوى مكنوزةٌ ليس قشرها ... إذا طارَ قشرُ التمرِ عنها بطائرِ)
(من الوارداتِ الماءَ بالقاع تستقي ... بأعجازها قبلَ استقاءِ الحناجر)
وهذا أجود من الأول لأنه ذكر أنهن وردن الماءَ يعني الماء الذي في بطن الأرض معينا. وقال النمرُ (طلبن معينه) فجعل الماء الذي في بطن الأرض معيناً، والمعين إنما هو الماء الجاري على وجه الأرض ظاهراً. ومن أجود ما قيل في الطلع من الشعر القديم قول كعب بن الأشرف:
(ونخيل في تلاعٍ جمةٍ ... تخرجُ الطلعَ كأمثالِ الأكفِّ)
وقال الربيع بن أبي الحقيق:
(أذلك أم غرسٌ من النخل مترع ... بوادي القرى فيهِ العيونُ الرواجعُ)
(لها سعفٌ جعدٌ وليفٌ كأنه ... حواشي بُرودٍ حَاكهنّ الصوانعُ)
وهذا في وصف الليف حسن.
وأخبرنا أبو أحمد عن الجلودي عن الحرث بن إسماعيل عن سهل بن محمد عن علي بن محمد عن أسلم الأزدي عن يونس عن الشعبي قال كتب قيصر إلى عمر: إن رسلي
أخبروني أن بأرضك شجرة كالرجل القائم تفلق

الصفحة 39