كتاب ديوان المعاني (اسم الجزء: 2)

عن مثل آذان الحمر ثم يصير مثل اللؤلؤ ثم يعود كالزمرد الأخضر ثم يصير كالياقوت الأحمر والأصفر ثم يرطب فيكون كأطيب فالوذ اتخذ ثم يجف فيكون عصمة للمقيم وزاداً للمسافر فإن كان رسلي صدقوني فهي الشجرة التي نبتت على مريم بنت عمران. فكتب عمر إليه: إن رسلك صدقوك وهي شجرة مريم فاتق الله ولا تتخذ عيسى إلهاً من دون الله. وهذه تشبيهات مصيبة أخذها عبدِ الصمد بن المعذل فقال يصف النخل:
(حدائقٌ ملتفة الجنانِ ... رَسَت بشاطى ترعٍ ريانَ)
(تمتازُ بالإعجازِ للإذقانِ ... لا ترهبُ المحلَ من الأزمانِ)
(ولا توقيَ ختلَ الذؤبان ... ولا تَرى ناشدة الرعيانِ)
(ولا تخافُ عِرةَ الأوطانِ ... سُحم الرؤوسِ كمتُ الأبدان)
(لها بيوم البارحِ الحنانِ ... مثلُ تناصي الخرَّد الحسانِ)
(إذ هي أبدت زينةَ الرهبانِ ... لاحت بكافورٍ على إهان)
(يطلعُ منها كيدُ الانسان ... إذا بدتْ ملمومةَ البنانِ)
(عُلت بورسٍ أو بزعفران ... حتى إذا شبه بالآذان)
(من حمرُ الوحشِ الذي عيانِ ... وهذا لفظ زائد على معناه)
(شققهُ علجانِ ماهرانِ ... من لؤلؤٍ صيغَ على قُضبانِ)
(مصوغةٍ من ذهبٍ خَلصان ... ثم ترى للسبعِ والثمانِ)
(قد حالَ مثلَ الشذرِ في الجمان ... يضحكُ عن مشتبهِ الأقران)
(كأنهُ في باطنِ الأفنان ... زمردٌ لاحَ على التيجان)
(حتى إذا تمَ لهُ شهران ... وانسدلت عتاكلُ القنوان)
(كأنها قضبٌ من العقيان ... فصلنَ بالياقوتِ والمرجان)
(من قانى أحمرَ أرجوان ... وفاقع أصفرَ كالنيرانِ)
(مثل الأكاليل على الغواني)

الصفحة 40