كتاب ديوان المعاني (اسم الجزء: 2)

قال أخوك وربما خانك قال فأخبرني عن الترس قال هو المجنُ وعليه تدور الدوائر قال فأخبرني عن السيف قال عنده قاوعت أمك الثكلى قال بل أمك والحمى أضرعتني لك. النمرة كساءٌ أسودُ تلبسه الأعراب، والعاتق الجارية الكعاب وصفه بالحياء والتامورةُ ههنا الأجمة، فقال نبطيٌ في جبايته وصفه بالاستقصاء في جباية الخراج، وقوله الحمى أضرعتني لك أي الاسلام قيدني لك وأذلني ولو كنتُ في الجاهلية ما كلمتني بهذا الكلام، وهو مثلٌ العرب تضربهُ عند الشئ يضطرها إلى الخضوع. ومثل ذلك ما
أخبرنا به أبو أحمد عن ابن دريد عن أبي حاتم عن أبي عبيدة قال قال الأغرُ النهشلي ووقع بينه وبين قومه شرٌ فأرسل ابنه وقال يا بني كن يداً لأصحابك على قتالهم وإياك والسيف فإنه ظل الموت واتق الرمح فإنه رشأ المنية ولا تقرب السهام فإنها رُسُلٌ تعصبي وتطيع قال فبم أقاتل؟ قال بما قال الشاعر:
(جلاميدُ أملاء الأكفّ كأنها ... رؤوسُ رجالٍ حُلّقت في المواسمِ)
فعليك بها فألصقها بالأعقاب والسوق. وقد أحسن التنوخي في صفة الحرب حيث يقول
(في موقف وقفَ الحمامُ ولم يَزغ ... عن ساحتيه وزاغت الأبصارُ)
(فَقَناً يسيلُ من الدماءِ على قنا ... بطوالهنَ تُقصرُ الأعمارُ)
(ورؤوسُ أبطالٍ تطايرُ بالظٌّبى ... فكأنها تحتَ الغبار غبارُ)
وقد أجاد بن المعتز في هذا المعنى حيث يقول
(قومٌ إذا غضبوا على أعدائهم ... جَرُّوا الحديدَ أزجَّةً ودُروعا)
(وكأن أيديهم تُنفَرُ عنهمُ ... طيراً على الأبدانِ كُنَ وقُوعا)
وقال أيضاً:
(بطعنٍ تضيعُ الكفُ في لهواتهِ ... وضربٍ كماشقَ الرداءُ المرعَبَل)
وقال أيضاً:
(قرَينا بعضَهم طعناً وجيعاً ... وضرباً مثلَ أفواهِ اللقاحِ)

الصفحة 54