كتاب ديوان المعاني (اسم الجزء: 2)

وقال البحتري وأحسن في ذلك:
(ألوي إذا طعنَ المدجج صَكهُ ... ليديهِ أو نثرَ القناة كُعوبا)
(فأنا النذيرُ لمن تغطرسَ أوطغى ... من مارنٍ يدعُ النُحورَ جُيوبا)
وقد ظرف في قوله أيضاً:
(ولو لم يحاجِز لؤلؤٌ بفرارهِ ... لكانَ لصدرِ الرُمحِ في لؤلؤٍ ثقبَ)
ومن المختار قول مالك بن نُويرة:
(بسمرٍ كأشطانِ الجرور نواهلٍ ... يجور بها ذو المنايا ويهتدي)
(يقعنَ معاً فيهم بأيدي كماتنا ... كأنّ المنايا للرماح بموعد)
ومن أبلغ ما قيل في صفة الضرب والطعن من قديم الشعر قول عبد مناف بن ربعي:
(فالطعنُ شعشةٌ والضربُ هيقعةً ... ضربَ المعَولِ تحتَ الديمة العضدا)
(وللقسيّ أزاميلٌ وغمغمةٌ ... حِس الجنوب تسوِّي الماءَ والبردا)
الهيقعة: وقع الشئ الصُلب على مثله سمعت هيقعة الحجر والحديد، وشبه أصوات القسي بصوت السحاب الذي فيه برد، والمعول الذي يتخذ العالة وهو أن يعمد الراعي أذا خاف المطر إلى الشجر يتعضده ويجعل عضده على شجرتين متقاربتين ويستكن تحته، والعضدُ ما يعضد من الشجر أي يُقطعُ والعضد المصدر. ومن أجود ما قيل في نفوذ التدبير في الحرب مع الغيبة عنها قول ابن الرومي في صاعد:
(يَظلُ من الحربِ العوانِ بمعزلٍ ... وآثارهُ فيها وإن غابَ شُهدُ)
(كما احتجتَ المقدارُ والحُكم حكمهُ ... على الناسِ طراً ليس عنهُ مُعردُ)
أخذه من قول بشار بن برد: ( ... الدهرُ طلاعٌ بأحداثهِ ... ورُسلهُ فيها المقادير)
(محجوبة تُنفذ أحكامَها ... ليسَ لنا عن ذاكَ تأخيرُ)
وقال حصرتَ عميدَ الزَّنج حتى تخاذلت ... قواهُ وأودى زاده المتزودُ)

الصفحة 55