كتاب ديوان المعاني (اسم الجزء: 2)

وأجود ما قيل في إدمام حمل الرمح قول الآخر:
(وقد طالَ حملي الرمحَ حتى كأنهُ ... على فرسي غصنٌ من البانِ نابتُ)
(يطولُ لساني في العشيرةُ مُصلحاً ... على أنه يومَ الكريهةِ ساكتُ)
والسكوت في الحرب دليل على سكون الجأش، وكثرة الصوت فيها إمارة الفزع، وقد قيل
(وكثرة الصوت والإيعاد من فشل ... )
وقلتُ في الرمح:
(يغدو بصدْق الكعوبِ لَدْن ... يهتزُّ ما بينَ كوكبينِ)
أعني الزج والسنان. وقال البحتري:
(كأنما الحربةُ في كفهِ ... نجمُ دُجى شيعهُ البدرُ)
وقد شبهت العرب الرماح بالأشطان والأسنة بالشهبان فتركنا ذكر ذلك لشهرته واستفاضته. أجود ما قيل في القوس من قديم الشعر قول أوس بن حجر وهو أوصف العرب للسلاح:
(فجرّدَها صفراءَ لا الطولُ عابها ... ولا قصرٌ أزريَ بها فتعطلا)
(كتومٌ طِلاع الكفَ لا دونَ مَلِئها ... ولا عجسُها عن موضع الكفِّ أفضلا)
(وحشوَ جفيرٍ من فروعِ غرائب ... تنطعَ فيها صانعٌ وتأمَّلا)
(تُخيرنَ أنضاءً وركبنَ أنصُلاً ... كجمرِ الغضا في يوم ريحٍ تزيّلا)
وقال الشماخ في صوت القوس:
(إذا أنبضَ الرامونَ عنها ترنمت ... تَرَنُمَ ثكلى أوجعتها الجنائز)
وقال آخر:
(وهي إذا أنبضت عنها تسجعُ ... ترنم الثكلى أبتْ لا تهجعُ)
وقال آخر:
(تسمعُ عندَ النزع والتوتيرِ ... في سيتَيْها رنّة الطنبورِ)
وقال الأصمعي: أحسن كلام في الإيجاز قول عكلي في صفة قوس:
(في كفه معطيةٌ منوع ... )
ومن أحسن ما قاله محدث في القوس قول ابن المعتز بالله.

الصفحة 59