كتاب ديوان المعاني (اسم الجزء: 2)

ذي يزن يذكر القوس:
(هَزُّوا بناتِ الرياح نحوهمُ ... أعوجُها طامحٌ وزمزمها)
(كأنها بالفضاءِ أرشيةٌ ... يخفُ منقوضها ومُبرَمُها)
فأما النبلُ فقد جاء فيها عنهم شئٌ كثيرٌ. أجود ما قيل في الدروع: قال أبو عبيدة أحسن ما قيل فيها قول كعب بن زهير:
(وبيض من النسج القديم كأنها ... نهاء بقاع ماؤها مترابعُ)
(تصفقها هوجُ الرياح إذا صفَت ... وتعقبها الأمطارُ فالماءُ راجع)
وهو مأخوذٌ من قول امرئ القيس:
(تفيضُ على المرءِ أردانُها ... كفيضِ الأتيِّ على الجدجِد)
وقال البحتري:
(يمشون في زرد كأنَ مُتونها ... في كل معركةٍ مُتونَ نهاءِ)
(بيضُ تسيل على الكماةِ فضولها ... سيلَ السرابِ بقفرة بيداءَ)
(وإذا الأسنةُ خالطتها خلتها ... فيها خيال كواكبٍ في ماءِ)
ومعنى البيت الأخير دقيقٌ غريبٌ حسنٌ مصيبٌ ما أظنه سبق إليه. ومن مليح ما جاء في صفة الدرع قول بعض بني هاشم:
(وعلىَ سابغةُ الذيولِ كأنها ... سلخٌ كسانيهِ الشجاعُ الأرقمُ)
ومن مليح ما جاء في صفة الحرب
ما أخبرنا به أبو القاسم عن العقدي عن أبي جعفر عن المدائني قال قال رجل من بني تميم لعبادي: لم يكن لآل نصر بن ربيعة صولة في الحرب قال لقد قلتُ بطلاً ونطقت خطلاً كانوا والله إذا أطلقوا عُقل الحرب رأيت فرساناً تمور كرجل الجراد وتدافع كتدافع الأمداد في فيلق حافاته الأسل يضطرب عليها الأجل إذا هاجت لم تتناه دون بلوغ إرادتها ومنتهى غايات طلباتها لا يدفعها دافع ولا يقوم لها جمعُ جامع وقد وثقت بالظفر لعزَ أنفسها

الصفحة 62