كتاب ديوان المعاني (اسم الجزء: 2)

(أو ما إلى الكوماءِ هذا طارقٌ ... نَحرتنيَ الأعداءُ إن لم تنحَري)
ومن أبلغ ما حُذرَ به الحرب قول بعضهم العجم: دافع بالحرب ما أمكن فإن النفقة في كل شئ من الأموال إلا الحرب فإن النفقة فيها من الأرواح. وقال النابغة الجعدي:
(وتستلبُ المالَ الذي كانَ ربُها ... ضنيناُ به والحربُ فيها الحرائبُ)
فتبعه أبو تمام فقال
(والحربُ مشتقة من الحرب)
وقول جدل الطعان:
(دعاني أشبُ الحرب بيني وبينهُ ... فقلتُ له لا بل هَلمَ إلى السِّلم)
(وإياك والحرب التي لا أديمها ... صحيحٌ وما تنفكُّ تأتي على الرغم)
فإن يظفر الحزبالذي أنتَ منهمُ ... وينقلبوا ملءَ الأكفَ من الغُنم)
(فلا بُدَ من قتلي للعك فيهمُ ... وإلا فجرحٌ لا يكون على العظمِ)
(فلما أبى خليتُ فضلَ ردائهِ ... عليهِ فلم يرجع بحزمٍ ولا عزم)
(وكان صريع الخيلِ أولَ وهلةٍ ... فبعداً له مختارَ جهلٍ على علمِ)
ومن أجود ما قيل في تهوين الحرب والقتل ما أنشدناه أبو أحمد في خبر
أخبرناه عن الصولي عن عبيد الله السكوني قال دخل محمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي على بعض أمراء الكوفة وقد جرى عليه ظلمٌ فلم ينصفه فخرج من عنده وقال:
(يا أيها الرُجلُ الذي بيمينه ... غيثُ الزمانِ وصولةُ الحدَثان)
(أنعم صباحاً بالسيوفِ وبالقنا ... إنّ السيوفَ تحيةُ الفتيان)
(قد أبطرتكَ سلامةٌ فنسيتَ ما ... أسلفتَ من برٍ ومن إحسانِ)
(والدهرُ خدنُ مسرةٍ ومضرةٍ ... متقلبٌ بالناسِ ذو ألوانِ)
يخاطب نفسهُ ويأمرها بمجاهرة السلطام بالعصيان إذ ليس عنده للظلم نكير فيكون ذلك سبباً للحرب فيحي بالسيوفِ فلا يفزع فإنها تحيةُ الفتيان. وقال علي بن جبلة:

الصفحة 66