كتاب ديوان المعاني (اسم الجزء: 2)

فذكر ذلك ليونس فقال أحسن منه قول العجاج:
(كأنما زهاؤهُ لمن جَهَر ... ليلٌ ورز وغرِهِ إذا وغَر)
(سارٍ سرى من قِبِلِ العينِ فجر ... )
والأول أحسن عندي. ومن أجود ما قيل في صفة السوط قول الشعبي:
أخبرنا أبو أحمد عن أبيه عن عسل قال كان الشعبي إذا تحدث كأنهُ لم يُسمَع من غيره لحلاوة منطقه وعذوبة لفظه فتحدث يوماً فقال له رُجلٌ كان يجالسهُ يقال له حنيش: اتق الله ولا تكذب فقال له الشعبي ما أحوجك إلى محدرج عظيم الثمرة لين المهزة أخذ من مغرز عُنقٍ إلى عجب ذنب فيوضع على مثل ذلك منك فيكثر لك رقصاتك من غير جذل. قال وما هو بأبي أنت وأمي؟ قال أمرٌ لك فيه أدبٌ ولنا فيه أربٌ. يعني السوط. ومن أحسن ما وصف به الرأسُ إذا حمل على القناة قول مُسلم:
(ويجعل الهام تيجان القنا الذبلِ ... )
مأخوذ من قول جرير
(تيجان كسرى وقصيرا ... )
ومن أجود ما قيل في المصلوب ما أنشدنيه بعضُ البصريين:
(أنظر إليه كأنهُ في جذعهِ ... لما توشَحِ بالجبالِ ودُرعا)
(رامٍ رمى عن قوسهِ بمذلقٍ ... وأراد صحةَ رميه فتسمّعا)
وهذا من أتم ما قيل فيه. ومن المستحسن فيه قول البحتري:
(فَتراهَ مُطرداً على أعوادهِ ... مثلَ اطِّراد كواكب الجوزاءِ)
وقول ابن الرومي:
(يلعبُ الدستبندَ فرداً وإن كانَ ... لهُ شاغلٌ عن الدستبند)
وقال مُسلم بن الوليد:

الصفحة 71