كتاب ديوان المعاني (اسم الجزء: 2)

(يمزجُ فيها صبرٌ بشُهدهِ ... يُرضعها من مقلةٍ مُسوده)
(يَمُدُّها جارٍ كثيف العُدّه ... كأنّه الليلُ إذا استمدّه)
(مُقلُتها مكحولة بِنَدّه ... )
وقلت في القلم:
(أنظر إلى قلمٍ تنكسَ رأسهُ ... ليِضُمَ بينَ موصلٍ ومفصَلِ)
(تنظر إلى مخلابِ ليثٍ ضغيمٍ ... وغرارِ مسنونِ المضاربِ مفصلِ)
(يبدو لناظرهِ بلونٍ أصفرٍ ... ومدامعٍ سودٍ وجسمٍ مُنحلِ)
(فالدرجُ أبيضُ مثل خدٍ واضحٍ ... يثنيهِ أسودُ مثل طرفٍ أكحلِ)
(قسم العطايا والمنايا في الورى ... فإذا نظرتَ إليه فاحذر وأمل)
(طعمان شوبُ حلاوةٍ بمرارةٍ ... كالدهرِ يخلطُ شَهدهُ بالحنظلِ)
(فإذا تصرفَ في يديك عِنانُه ... ألحقتَ فيهِ مؤملاً بمؤمل)
(ومُذللاً بُمعززٍ ولربما ... ألحقتَ فيهِ معززاً بمذَلّلِ)
وقلت:
(لك القلمُ الجاري ببؤسٍ وأنعم ... فمنها بوادٍ ترتجى وعوائدُ)
(إذا ملأ القرطاس سود سطوره ... فتلك أسودٌ تُتقى وأساودُ)
(فتلك جنانٌ تُجتني ثمراتُها ... ويلقاك من أنفاسهنّ بواردُ)
(وهن برودٌ مالهنَ مناسجٌ ... وهنَ عقودٌ مالهنَ معاقدُ)
(وهنَ حياةٌ للوليّ رضيةٌ ... وهنَ حتوفٌ للعدوَ رواصدُ)
وأنشدنا أبو أحمد قال أنشدنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الفضل الطائي قال أنشدني أبو الحسين بن أبي البغل:
(لهم هِممٌ تناطُ إلى الثريا ... وتحكم في الطريفِ وفي التلادِ)
(وأقلامٌ تشبهها سُيوفاً ... مُهنَدةً هوادٍ في الهوادي)

الصفحة 80