كتاب ديوان المعاني (اسم الجزء: 2)

( ... عجبتُ له أني ودهرك معجبٌ ... يُقومُ تحريفَ العباد مُحرفُ)
وكتب الصاحبُ أبو القسم في وصف كتاب: ومن هذا الذي لا يحبُ أن يواصل علم الفضل وواسطة الدهر وقرارة الأدب والعلم ومجمع الدراية والفهم أم من لا يرغب في مكاثرة من ينتسب الربيعُ إلى خلقه ويكتسبُ محاسنه من طبعه ويتوشح بأنوار لفظه ويتوضح بآثار لسانه ويده، ووصل كتابهُ فارتحتُ لعنوانه قبل عيانه حتى إذا فاضت ختامه أقبلت الفكرة تتكاثر والدرر تتناثر والغرر تتراكم والنكتُ تتزاحم فإذا حكمتُ للفظة بالسبقِ أتت أختها تنافس وأقبلت لدتها تفاخر حتى استعفيتُ من الحكومة ونفضتُ يدي من غبار الخصومة وأخذتُ أقول كلكنَ صوادرٌ عن أصولٍ بل أصلٌ واحدٌ فتسالمن ونواقدٌ عن معدنٍ فاردٍ فتصالحن وقد وليت النظر بينها من كمل لنسج برودها ووفي بنطم عُقودها. ومثل ما تقدم من قوله في ذم القلم قوله أيضاً: على أني يا مولاي أنشأتُ هذه الأحرف وحولي أعمالٌ وأشغالٌ لا يسلمُ معها فكرٌ ولا يسمح بينها طبعٌ وتناولت قلماً كالابن العاق بل العدو المشاق فإذا أدرته استطال وإذا قومته مال وإذا حثثتهُ وقف وإذا أوقفته انحدر أجدل الشق مضطرب الشق متفاوتُ البري معدوم الجري محرف القط مثبج الخط ثم رأيت العُدول عنه ضرباً من الانقياد لأمره والانخراط في سكله فجهدته على رغمه وكددته على صغره لا جرم أن جناية اللجاج بادية على صفحات الحروف لا تخفى وعادية المحك لائحةٌ على وجوه تتجلى. وكتبتُ في وصف كتاب: والله أعلم أني أخبرت بورود كتابه فاستفزني الفرحُ قبل رؤيته وهزَ عطفي المرحُ قبل مشاهدته فما أدري أسمعت بورود كتاب أم ظفرت برجوع شباب ثم وصل بعد إنتطار له شديد وتطلع إلة وروده طويل عريض فتأملته فلم أدر ما تأملت أخطاً مسطوراً أم روضاً ممطوراً أم كلاماً منثوراً أم وشياً منشوراً ولم أدر ما أبصرتُ في أثنائه أبيات شعر أم عقودُ دُر ولم أدر ما حملته أغيثٌ حل بواد ظمآن أم غوثٌ سيقٌ إلى لهفان.

الصفحة 85