كتاب ديوان المعاني (اسم الجزء: 2)

خير من المأكول) ولا يعبر عنه بكلام عربي أقل حروفاً مما ذكرته ومع ذلك فإن حروف تفسيره بالعربية ضعفا حروفه بالفارسية، وقد جاء عن بعضهم في معنى هذا المثل (إنتظار الحاجة خبرٌ لك من قضائها) وقد خالفهم الفرس في مثل واحد وهو قولهم (به شاه اشناه نرود همدوره) العربُ تقول (جاور بحراً أو ملكاً) . وليس قصدنا لهذا المعنى فنطيلُ فيه ولكن لا يراد أمثلة في البلاغة تكون مادة لصانع الكلام: فمن ذلك قول ابرويز: إذا نزل الخمول استكشف النقص، يحثُ على طلب النباهة والتماس جلائل الأمور. وقال بهرام جور: الحاكم ميزان الله في الأرض فوافق الله تعالى في قوله: {والسماء رفعها ووضع الميزان} يعني العدل في الحكم. ونحوه قول علي رضي الله عنه: السفر ميزان القوم. وقول الآخر: العروضُ ميزان الشعر وقال الآخر منهم: أغلق أبواب الشهوات تنفتح لك أبواب المحاسن وقال آخر منهم الصواب قرين التثبت والخطأ شريك العجلة. وقال بزرجمهر: عاملوا أحرار الناس بمحض المودة وعاملوا العامة بالرغبة والرهبة وسوسو السفلة بالمخافة والهيبة. وقريبٌ من ذلك قول بعضهم: الكريم يلين إذا استعطف واللئيم يقسو إذا ألطف. وقال بعضهم: ينبغي للوالي أن يتفقد أمور رعيته فيسد فاقة أحرارها ويقمع طغيان سفلتها فإنما يصولُ الكريم إذا جاع واللئيم إذا شبع. وقال بعض حكماء الفرس: أحزم الملوك من غلب جده هزله وقهر رأيه هواه وعبر عن ضميره فعله ولم يختدعه رضاه عن حظه ولا غضبهُ عن كيده. وقال أنوشروان: القصدُ غاية المنافع، وقال لابنه هرمز لا يكن عندك لعمل البرَ غاية في الكثرة ولا لعمل الإثم غاية في القلة. ووافق هذا من العربي قول الأفوه الأودي:
(والخيرُ تزدادُ منهُ ما لقيتَ بهِ ... والشرُ يكفيكَ منهُ قلما زادُ)
وقالوا أيضاً: يوم العدل على الظالم أشد من يوم الظلم على المظلوم. وقال ابرويز: لا تغشوا قليلاً فتنغصوا به كثيراً. وقال يوماً لجنده لايشحذ امرؤ

الصفحة 90