كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 2)
صفحة رقم 4
الكتاب في أنه هدى وقامت به دعائم الإسلام الخمس جاءت هذه لإثبات الدعوة الجامعة في قوله سبحانه وتعالى :
77 ( ) يأيها الناس اعبدوا ربكم ( ) 7
[ البقرة : 21 ] فأثبت الوحدانيه له بأبطال إلهيه غيره بإثبات أن عيسى عليه السلام الذي كان يحيي الموتى عبده فغيره بطريق الأولى ، فلما ثبت أن الكل عبيده دعت سورة النساء إلى إقبالهم أليه واجتماعهم عليه ؛ ومما يدل على أن القصد بها هو التوحيد تسميتها بآل عمران ، فإن لم يعرب عنه في هذه السورة ما أعرب عنه ما ساقه سبحانه وتعالى فيها من لإخبارهم بما فيها من الأدلة على القدرة التامة الموجبة للتوحيد الذي ليس في درج الإيمان أعلى منه ، فهو التاج الذي هو خاصة الملك المحسوسة ، كما أن التوحيد خاصته المعقولة ، والتوحيد موجب لزهرة المتحلي به فلذلك سميت الزهراء .
القصد الأول التوحيد
ومناسبه هذا الأول بالإبتدائيه لآخر ما قبلها أنه لما كان آخر البقرة في لاحقيقة آية الكرسي وما بعدها إنما هو بيان ، لأنها أوضحت أمر الدين بحيث لم يبقى وراءها مرمى لمتنعت ، أو تعجب من حال من جادل في الإلهية أو استبعد شيئاً من القدرة ولم ينظر فيما تضمنته هذه الآية من الأدله مع وضوحه ، أو إشارة إلى الاستدلال على البعث بأمر السنابل في قالب الإرشاد إلى ما ينفع في اليوم الذي نفى فيه نفع البيع والخلة والشفاعة من النفقات ، وبيان بعض ما يتعلق بذلك ، وتقرير أمر ملكه لما منه الإنفاق من السماوات و الأرض ، والإخبار بإيمان الرسول وأتباعه بذلك ، وبأنهم لا يفرقون بين أحد من الرسل المشار اليهم في السورة ، وبقصدهم في التضرع برفع الأثقال التي كانت على من قبلهم من بني إسرائيل وغيرهم ، وبالنصرة على عامة الكافرين ؛ لما كان ذلك على هذا الوجه ناسب هذا الاختتام غايه المناسبة ابتداء هذه السورة بالذي وقع الإيمان به سبحانه وتعالى ووجهت الرغبات آخر تلك اليه ؛ وأحسن منه أنه لما نزل إلينا كتابه فجمع مقاصده في الفاتحه على وجه أرشد فيه إلى سؤال الهدية ثم شرع في تفصيل ما جمعه في الفاتحة ، فأرشد في أول البقرة إلى أن الهديه في هذا الكتاب ، وبيّن ذلك بحقيه المعنى والنظم كما تقدم إلى أن ختم البقرة بالإخبار عن خلص عباده بالإيمان بالمنزل بالسمع والطاعة ، وأفهم ذلك مع التوجه بالدعاء إلى المنزل له أن له سبحانه وتعالى كل شيء وبيده النصر ، علم أنه واحدلا شريك له حي لا يموت قيوم لا يغفل وأن ما أنزل هو الحق ، فصرح أول هذه بما أفهمه آخر تلك ، كما يصرح بالنتيجة بعد المقدمات المنتجة لها فقال : ( الله ) أي الذي لا يذل من والاه ولا يعز من عاداه لأن له الإحاطة بجميع أوصاف الكمال والنزاهة الكاملة من كل شائبة نقص .
الصفحة 4
760