كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 2)
صفحة رقم 7
عنه : أين الله ؟ فيقول : في السماء ، إلى حد أن يقول : فوق العرش ، فذلك الصمد الذي أنبأ عنه اسمه ) إله ( الذي أنزل فيه إلزام الإخلاص والتوحيد منذ عبدت في الأرض الأصنام ، فلذلك نضم توحيد اسمه الإله بأحدية مسمى هو من اسمه العظيم ( الله ) ، ورجع عليه باسم المضمر الذي هو في جبلات الأنفس وغرائز القلوب الذي تجده غيباً في بواطنها فتقول فيه : هو ، فكان هذا الخطاب مبدوءاً بالاسم العظيم المظهر منتهياً إلى الاسم المضمر ، كما كان خطاب
77 ( ) قل هو الله أحد ( ) 7
[ الإخلاص : 1 ] مبدوؤاً بالاسم المضمر منتهياً إلى الاسم العظيم المظهر ، وكذلك أيضاً اسم الله الأعظم في سورة
77 ( ) قل هو الله أحد ( ) 7
[ الإخلاص : 1 ] كما هو في هذه الفاتحة .
ولما كان لبادي الخلق افتقار إلى قوام لا يثبت طرفة عين دون قوامه كان القوام البادي آيته هي الحياة فما حيي ثبت وما مات فني وهلك ؛ انتهى ولما كان المتفرد بالملك من أهل الدنيا يموت قال : ( الحي ) أي الحياة الحقيقية التي لا موت معها .
ولما كان الحي قد يحتاج في التدبير إلى وزير لعجزه عن الكفاية بنفسه في جميع الأعمال قال : ( القيوم ( إعلاماً بأن به قيام كل شيء وهو قلئم على كل شيء .
قال الحرالي : فكما أن الحياة بنفخة من روح أمره فكل متماسك على صورته حي بقيوميته انتهى .
وفي وصفه بذلك إعلام بأنه قادر على نصر جنده وإعزاز دينه وعون وليه ، وحث على مراقبته بجهاد أعدائه ودوام الخضوع لديه والضراعة اليه .
ولما كان من معنى القيوم أنه المدبر للمصالح اتصل به الأعلام بتنزيل ما يتضمن ذلك ، وهو الكتاب المذكور في قوله :
77 ( ) بما أنزل أليه من ربه ( ) 7
[ البقرة : 285 ] والكتب المذكورة في أول البقرة في قوله :
77 ( ) بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك ( ) 7
[ البقرة : 4 ] وفي آخرها بقوله
77 ( ) وكتبه ورسله ( ) 7
[ لبقرة : 285 ] التي من جملتها التوراة والإنجيل اللذان فيهما الآصار المرفوعة عنا ، ثم شرح بعده أمر التصوير في الأحشاء ، وذلك لأن المصالح قسمان : روحانية وجسمانية ، وأشرف المصالح الروحانية العلم الذي هو الروح كالروح للبدن فإنها تصير به مرآة مجلوة ينجلي فيها صور الحقائق ، وأشرف المصالح الجسمانية تعديل المزاج وتسوية البنية في أحسن هيئة ، وقدم الروحانية المتكفل بها الكتاب لأنها أشرف .
ولما كانت مادة ( كتب ) دائرة على معنى الجمع عبر بالتنزيل الذي معناه التفريق لتشمل هذه الجملة على وجازتها من أمره على إجمال وتفصيل فقال : وقال الحرالي : ولما كانت إحاطة الكتاب أي في البقرة ابتداء وأعقبها أي في أول السورة إحاطة الإلهية جاء هذا الخطاب رداً عليه ، فتنزل من الإحاطة الإلهية إلى الأحاطة الكتابية بالتنزيل الذي هو تدرج من رتبة إلى رتبة دونها ؛ انتهى فقال : ( نزّل ) أي شيئاً فشيئاً
الصفحة 7
760