كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 2)

صفحة رقم 756
حاضر لديه عتيد
77 ( ) إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ( ) 7
[ يس : 82 ] ، وفي ذلك تهديد شديد لمن لا يتعظ .
ولما هدد وخوف ، رجّى من أراد التوبة واستعطف فقال : ( وإنه لغفور رحيم ( معلماً بأنه - على تمام قدرته عليهم وانهماكهم فميا يوجب الإهلاك - بليغ المغفرة لهم عظيم الرحمة
77 ( ) ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ( ) 7
[ النحل : 61 ] ، حثاً على عفو الرفيع من الوضيع ، وتأكيده الثاني دون الأول ناظر إلى قوله
77 ( ) كتب على نفسه الرحمة ( ) 7
[ الأنعام : 12 ] ، ( إن رحمتي سبقت غضبي ) لأنه في سياق التأديب لهذه الأمة والتذكير بالإنعام عليهم بالاستخلاف ، وسيأتي في الأعراف بتأكيد الاثنين لأنه في حكاية ما وقع لبني إسرائيل من إسراعهم في الكفر ومبادرتهم إليه واستحقاقهم على ذلك العقوبة ، وجاء ذلك على طريق الاستئناف على تقدير أن قائلاً قال : حينئذ يسرع العالي إلى عقوبة السافل فأجيب بأن الله فوق الكل وهو أسرع عقوبة ، فهو قادر على أن يسلط الوضيع أو أحقر منه على الرفيع فيهلكه ؛ ثم رغب بعد هذا الترهيب في العفو بأنه على غناه عن الكل أسبل ذيل غفرانه ورحمته بإمهاله العصاة وقبوله اليسير من الطاعات بأنه خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور منافع لهم ثم هم به يعدلون ولولا غفرانه ورحمته لأسرع عقابه لمن عدل به غيره فأسقط عليهم السماوات وخسف بهم الأرضين التي أنعم عليهم بالخلافة فيها وأذهب عنهم النور وأدام الظلام ، فقد ختم السورة بما به ابتدأها ، فإن قوله : ( وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ( هو المراد بقوله :
77 ( ) هو الذي خلقكم من طين ( ) 7
[ الأنعام : 2 ] وقوله :
77 ( ) أغير الله أبغي رباً وهو رب كل شيء ( ) 7
[ الأنعام : 164 ] هو معنى قوله :
77 ( ) خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ( ) 7
[ الأنعام : 1 ] ، - والله الموفق .
.. .. .

الصفحة 756