كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 2)
صفحة رقم 8
في هذا العصر ) عليك ) أي خاصة بما اقتضاه تقديم الجار من الحصر ، وكأن موجب ذلك ادعاء بعضهم أنه يوحى إليه وأنه يقدر على الإيتان بمثل الوحي ) الكتاب ) أي القرآن الجامع للهدى بحسب الوقائع ، لم يغفل عن واحد منها ولا قدم جوابها ولا أخره عن محل الحاجة ، لأنه قيوم لا يشغله شأن عن شأن .
قال الحرالي : وهذا الكتاب هو الكتاب المحيط الجالمع الأول الذي لا ينزل إلا على الخاتم الآخر المعقب لما أقام به حكمته من أن صور الأواخر مقامة بحقائق الأوائل ، فأول الأنوار الذي هو نور محمد هو قثم خاتم الصور التي هي صورة محمد انتهى .
تنزيلاً ملتيسا ) بالحق ) أي الأمر الثابت ، فهو ثابت في نفسه ، وكل ما ينشأ عنه من قول وفعل كذلك .
قال الحرالي : وكما أن هذا الكتاب هو الكتاب الجامع الأول المحيط بكل كتاب كذلك هو الحق المنزل به هذا الكتاب هو الحق الجامع المحيط الذي كل حق منه ، وهو الحق الذي أقام به حكمته فيما رفع ووضع انتهى .
حال كونه ) مصدقاً ( ولما كان العامل مرفوعاً لأنه أمر فاعل قواه في اللام فقال : ( لما بين يديه ) أي من الكتب السماوية التي أتت بها الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم عن الحضرة الإلهية .
قال الحرالي : لما كان هذا الكتاب أولاً وجامعاً ومحيطاً كان كل كتاب بين يديه ولم يكن من ورائه كتاب انتهى .
ولما كان النزاع وفد ونجران في الإله أو النبي أو فيها كان هذا الكلام كفيلاً على وجازتة بالرد عليهم في ذلك ببيان الحق في الإله بالقيومية ، وفي المعنى بالكتاب المعجز ، ولما كانوا مقرين بالكتب القديمة أشار إلى ليس لهم إنكار هذا الكتاب وهو أعلى منها في كل أمر أوجب أوجب تصديقها وإلى أن من أنكره بعد ذلك كان من الأمر الظاهر أنه معاند لا شك في عناده فقال : ( وأنزل التوراة ( وهو ( فاعلة ) لو صرفت من الورى وهو قدح النار من الزند ، استثقل اجتماع الواوين فقلب أولهما تاء كما في اتحاد و اتّلاج واتّزار واتّزان ونحوه قال الحرالي : فهي توراة بما هي نور أعقبت ظلام ما وردت عليه من كفر دعي إليها من الفراعنة ، فكان فيها هدى ونور ) والإنجيل ( من النجل ، وضع على زيادة ( إفعيل ) لمزيد معنى ما وضعت له هذة الصيغة ، وزيادتاها مبالغه في المعنى ، وأصل النجل استخراج خلاصه الشيء ، ومنه يقال للولد : نجل أبيه .
كان الإنجيل استخلص خلاصه نور التوراة فأظهر باطن ما شرع في التوراة ظاهرة ، فإن التوراة كتاب إحاطة لأمر الظاهر الذي يحيط بالأعمال وإصلاح أمر الدنيا وحصول الفوز من عاقبة يوم الأخرى فهو جامع إحاطة الظواهر ، وكل آية ظاهرة فمن كتاب التوراة والإنجيل كتاب إحاطة لأمر البواطن يحيط بالأمور النفسانية التي بها يقع لمحموجود الآخرة مع
الصفحة 8
760