كتاب معاني القرآن وإعرابه للزجاج (اسم الجزء: 2)
سورة النساء
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله - عزَّ وجلَّ - (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)
ابتدأ اللَّه السورة بالموعظة. أخبر بما يوجب أنه واحد وأن حقه
عز وجلَّ - أن يُتَقى فقال:
(الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ)
يعني من آدم عليه السلام، وإنما قيل في اللغة واحدة لأن لفظ النفس
مؤَنث، ومعناها مذكر في هذا الموضع، ولو قيل من نفس واحد لجاز.
(وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا)
حواءَ خُلِقتْ من ضِلْع من أضْلاع آدَم، وبث اللَّه جميع خلق الناس
منها.
ومعنى " بَث " نشر، يقال: بث الله الخلق، وقال - عزَّ وجلَّ -
(كَالفَرَاشِ المبْثُوثِ)،، فهذا يدل على بث.
وبعض العرب يقول أبث اللَّهُ الخلقَ، ويُقَال بَثَثتُك سِري وأبْثثتك سِري.
وقوله - عزَّ وجلَّ: (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ)
الصفحة 5
500