كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 2)

ويتقلدون المشرفية البواتر؛ ويتنكّبون القسىّ النواتر [1] ، ويمتطون من كل جواد صفا منه أديمه وعيناه وحوافره، واتسع منه جوفه وجبهته ومناخره؛ وطال منه أنفه وعنقه وذراعه، وقصر منه ظهره وساقه وعسيبه وامتدّ عند الحضر باعه: فهو من أكرم الأصائل، والمعنىّ بقول القائل:
وقد أغتدى قبل ضوء الصّباح ... وورد القطا في الغطاط الحثاث.
بصافى الثّلاث عريض الثلاث ... قصير الثلاث طويل الثّلاث.
وذكرت ما ورد في فضل الرباط والجهاد، وما أعدّ الله تعالى من الثواب لمن أنفق فيه الطّوارف والتّلاد؛ وبذل الكريمين: (النفس والمال) لحسن المآل؛ وهجر الحبيبين: (الوطن والعيال) لبلوغ الآمال.
ومن قاض يحكم بين الناس بالعدل، ويقدّم ذوى النباهة والفضل.
ومتولّى مظالم يردّها على أهلها بقهره وسلطانه، وسطوته وأعوانه.
وناظر حسبة يجرى الأمور على قواعدها الشرعية، وأوضاعها العرفية وقوانيها المرضية.
إلى غير ذلك:
من كاتب، ذى رأى صائب، وفهم ثاقب؛ انقادت له المعانى بأسهل زمام، وأغنت صحائفه عن صفحات الحسام:
لولا حظت عين ابن أوس كتبه ... ما قال: «إن السيف منها أصدق» .
__________
[1] فى القاموس «قوس ناترة تقطع وترها لصلابتها» .

الصفحة 3