كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 2)

فَوُضِعَت هَذَا المَوضِعَ، فَهِيَ مِن طَرفَاءِ الغَابَةِ، وَلَقَد رَأَيتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ عَلَيهِ فَكَبَّرَ وَكَبَّرَ النَّاسُ وَرَاءَهُ وَهُوَ عَلَى المِنبَرِ، فرَجَعَ فَنَزَلَ القَهقَرَى حَتَّى سَجَدَ فِي أَصلِ المِنبَرِ، ثُمَّ عَادَ حَتَّى فَرَغَ مِن آخِرِ صَلاتِهِ، ثُمَّ أَقبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنِّي صَنَعتُ هَذَا لِتَأتَمُّوا بِي، وَلِتَعَلَّمُوا صَلاتِي.
رواه أحمد (5/ 339)، والبخاري (448)، ومسلم (544) (44)، وأبو داود (1080)، والنسائي (2/ 57)، وابن ماجه (1416).
* * *
ـــــــــــــــــــــــــــــ
صلاة الإمام على موضع أرفع من موضع المأموم، ومالك يمنع ذلك في الارتفاع الكثير دون اليسير، وعلَّل المنع: بخوف الكِبر على الإمام. واعتذر بعض أصحابه عن الحديث: بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - معصوم عن الكِبر، ومنهم من علله بأن ارتفاع المنبر كان يسيرًا.
وقوله: فرجع القهقرى حتى سجد في أصل المنبر؛ يعني: رجع خلفه؛ من تقهقر الرجل في مشيته: إذا رجع من حيث جاء، وهذا إنما فعله ليُرِيَ الناسَ كيفية صلاته، ففعل على المنبر ما يتمكّن من فعله عليه، وهو القيام والركوع، وفعل في الأرض ما لا يتمكن من فعله عليه، وهو السجود والجلوس، وهذا القدر عمل يسير لا يُخِلّ بمقصود الصلاة ولا بهيئتها.
وقوله: لتأتموا بي؛ لتقتدوا بي. ولتعَلموا صلاتي، رويناه بفتح العين وتشديد اللام؛ أي: لتتعلموا، وهذا الأمر على الوجوب.
* * *

الصفحة 154